من السخريات المقلقة والمضحكة أن هناك بعض المنظمات والأحزاب والكيانات والمجاميع والأفراد المؤدلجين، الذين يتظاهرون اليوم بولائهم المطلق للدين الحنيف، هم الذين يحملون معاول الهدم ليطيحوا بصروح هذا الدين العظيم،
وهم الذين يقودون البلدوزرات لينسفوا أركانه، وهم الذين يقفون ضده بأعمالهم الباطلة، ومعاملاتهم السيئة، وكلامهم الارتجالي الخاطئ، وسلوكهم المنحرف، وتصرفاتهم غير المنضبطة، وغير القويمة، إيدلوجياتهم متعصبة، وأهدافهم ضيقة، ورؤاهم ضعيفة، وبصرهم شحيح، وفهمهم للدين القويم غير صحيح، ويسعون لفرض مفاهيمهم المغلوطة على الآخرين بقوة وعجرفة، إن الإسلام العظيم يتعرّض لظلم عظيم على يد هؤلاء الجهلة، فشوّهوا صورته بأفعالهم المشينة القاصرة، وجعلوا الرأي العام العالمي يظن أن هذا هو الإسلام، وهذه هي حقيقته، وهذه تعاليمه، هؤلاء لا يفعلون أدمغتهم، ولا يعرفون الاستقراء والاستنباط والاستنتاج، وكأنهم لا يعلمون بأن الله لا يعبد بالجهل، وأن المتعبد بغير معرفة كالمتأرجح في الظلمة، وكالتائه في سراديب الظلام، يدور ويبحث ويتأرجح على غير هدى, من دون أن يبرح مكانه، إن مجاعة الفكر أبشع من مجاعات الأمن والاستقرار، وأكثر بشاعة من مجاعات لقمة العيش، وإن الأفكار الخلاَّقة كالأسلحة الحربية، تتطور بمرور الزمن، فالذي يحتفظ بأفكاره المتحجرة كمن يخوض الحرب النووية بالهراوات والخناجر الصدئة، لذا يتعيَّن علينا أن نتعايش بسلم مع الآخرين، أو أن يهلك بعضنا بعضاً في خضم هذه الفوضى، التي طغى فيها صوت التطرف فوق صوت التعقّل في غابات التصحر الفكري، التي لا مكان فيها للعقلاء، فالذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل، قادرون على جعلك ترتكب الفظائع، فكل تدين يتناقض مع العقل، ويجافي العلم، ويخاصم الفكر، ويرفض عقد الصلح مع الجنس البشري، هو تدين فقد صلاحية البقاء، فلا تخف بعد الآن من الشخص الذي لا يقرأ، واحذر من الشخص الذي لا يفهم ما يقرأ، وتبقى الحقيقة هي الحقيقة ولو كان العالم كله ضدها، إن الإسلام هو دين المحبة والألفة والسلام، ودين التسامح والتعايش والوئام، ودين العلوم والمعارف والاختراع والابتكار، ودين العقل والمنطق، ودين الحركة والتطور، ودين يرفض السكون والنوم والنكوص والتأخر، والدين الذي رفع راية (اقرأ) منذ القرن الهجري الأول وحتى قيام الساعة.