هناك منابر إعلامية منافقة خبيثة وضالة، يملكها أناس خبثاء وأشرار، معاول وبلدوزرات هدّامة تسعى لتفكيك اللحمة السعودية الوطنية الجبارة، مسخَّرة بالكامل لتشتيت فكر المواطن السعودي، وتضليله بالأخبار الكاذبة، وتحريضه على الفوضى والتمرد والانفلات الأمني،
وصولاً إلى زعزعة استقراره والعبث بعيشه وحياته ورخائه وأمنه، اللافت للنظر أن هذه المنابر الإعلامية التحريضية صارت عندها عشرات المكاتب وآلاف العدسات المبحلقة على المواطن السعودي في الجو والبحر والبر، وكأنها نسخة لزرقاء اليمامة ذات البصر الأسطوري الخارق، لكن الزرقاء الجديدة ولدت هذه المرة بعين واحدة، كعين الأعور الدجال، فهي تنظر إلى الأوضاع من زاوية واحدة ومن الزاوية التي تريدها، لا التي يريدها الغير، وتصوّر الأشياء بعين واحدة، تلتقط المشاهد البعيدة التي تروق لها، ولا تلتقط المشاهد التي تروق لغيرها، لقد وصلت بها الحماقة إلى فعل المنكرات والخبث والخبائث والدس والدسائس بكل أنواعها وألوانها وأشكالها وأصنافها، بعد إخضاع الأشياء للتعديل والتبديل والحذف والإضافة والمكيجة، إن هذه المنابر الرمادية السوداء، تشقلب الحقائق، وتحرِّف الوقائع، وتقلبها رأساً على عقب، باتجاه التشويه، وطمس معالم الحقيقة، وتحويل الأشياء الصغيرة التافهة إلى مواد حارقة من مواد إذكاء الفتن، وإثارت النعرات العصبية، وجعلها أداة من أدوات الشحن والتحريض، إن هذه المنابر الصفراء تخصصت في خداع الناس وتضليلهم، واستغلوا الكذب الفاضح وقوداً لإشعال فتيل الصراعات المذهبية، وتأجيج نيران الفتن الطائفية، واستخدمت السوء جسراً تكتيكياً لتعبر من خلاله نحو تحقيق مكاسب شخصية لأصحابها والداعمين لها والذين يقفون وراءها، وتوسيع نفوذهم، بعيداً عن التوازن والاعتدال، لقد تبرقع أغلبهم ببرقع الإيمان المزيف، فتمظهروا بكل أنماط الخشوع والتدين، وتحصنوا خلف جدران الرياء وتلحفوا بردائه، واستغلوا الدين استغلالاً بشعاً في الترويج لأنفسهم ولشخوصهم ولأعمالهم وأفكارهم الرمادية، لقد امتطوا صهوة التدين السطحي، واتخذوا منه مطية لمآربهم الدنيوية، لقد تلاعبوا بالعقول، وصمموا على غسلها وأدلجتها كذباً وزوراً وبهتاناً، لقد طال اعتداء هؤلاء المخربين علينا وعلى لحمتنا الوطنية، وشنعوا بنا بوحشية، ولجأت هذه العناصر والمنابر الغبية إلى السيئ من الأخلاق في تعاملهم مع وطننا ومعنا، لقد بلغوا حداً مخجلاً من الهيستيريا العصبية واللغوية، بعيداً عن الأخلاق والذوق والأدب، لقد سبق سيفهم العذل، والفأس وقع بالرأس والسكين اقترب من العظم، ولن تثنينا هذه الاعتداءات الغاشمة عن قول الحقيقة، ولن تزيدنا إلا تمسكاً وصلابة بمواقفنا الوطنية الرافضة للفوضى والجور والتمزيق واليه والضياع، ولن نطبّق معهم القاعدة المكتوبة على المرآة الجانبية للسيارات: (الأجسام التي تراها في المرآة هي أصغر مما تبدو عليه في الواقع) ولن نتستر عليهم أو نجاملهم أو نستحي أو نخجل منهم أو ندس رؤوسنا أمامهم كالنعامة، فهؤلاء أنيابهم تنهش، وقرونهم تنطح، ومخالبهم تشطح، وكتائبهم مجندة لسوء القول والعمل، وطوابيرهم طويلة مدربة على الخراب والدمار وفعل الخبث والمنكرات، لكن علينا التصدي لهم بالنقد والتقريع ومجابهة مشاريعم المتعثرة والقادمة، وعلينا التحدث بصراحة مطلقة عنهم لفضح مساوئهم الظاهرة والباطنة، وأن نفكك حلقات الوصل بينهم، ونمنحهم الجدب والتصحر، إنهم يملكون أفكاراً صنمية بليدة تستوجب الاجتثاث والإزالة، عقارب زمنهم عادت إلى العصور الحجرية، إنهم أشجار بلا أوراق، وأجساد بلا أخلاق، ورؤوس بلا عقول، وعلينا فضحهم بكل الوسائل المتاحة، فكلما تعالت كلمات الباطل، انغرست جذور أشجار الحق في باطن الأرض، وتسامقت أغصانها في عنان السماء.