أتفهم ارتباط الإنسان ببعض الحيوانات التي تقدم له منفعة كالبقر والغنم والجمال وغيرها، حيث يستفيد من لبنها ولحمها وجلودها، أو الدواجن التي يأكل لحمها وبيضها. وهو أمر طبيعي طالما كان في حدود المعقول.
الطريف والمدهش أنه بعد أن حذرت وزارتا الصحة والزراعة من الاختلاط مع الإبل لإمكانية إصابتها بكورونا ذلك المرض الغامض، وضرورة الحذر من الاقتراب منها؛ انتشر مقطع فيديو يظهر فيه رجل يقبـّل ناقته ويدعوها للتنفس بوجهه ساخرا بتلك التعليمات ومستهزئا بالتحذيرات، متحديا التوجيهات الصحية بما يشير لحالة استفحال الجهل واستشرائه بين أوساط بعض مربي المواشي الذين لا يأبهون بتلك التعليمات الواضحة، لاسيما أننا في بلدنا نعيش حالة من القلق والتوتر خصوصا أنه ثبت بأن الجمل ساعد على نقل فيروس «كورونا» للإنسان لأنه يشبهه في تكوين خلاياه وطريقة استقباله للفيروسات ونقلها للآخرين. والأمر ليس توقعا أو توجسا أو احتمالا فحسب؛ ولكنه أضحى حقيقة، حيث يقول الدكتور إيان ليبكين، مدير مركز الالتهابات والمناعة في جامعة كولومبيا والمعروف عالميا في مجال التحقيقات بالأوبئة:( الفيروس الذي تفحصناه لدى الإنسان متطابق بشكل كامل مع الفيروس الموجود لدى الجمال) وهو يتركز لدى صغار الإبل أكثر من البالغة، وبالتحديد يوجد في منطقة الأنف! ولذا جاء تحذير وزارة الصحة صريحا حينما نصحت بعدم مخالطة الإبل إلا في حالة الضرورة وشددت على وجوب غسل الأيدي قبل وبعد ذلك ولبس أقنعة وقفازات لمنع الإصابة بالمرض أو انتشاره.
وقد كشف باحثون عن عثورهم على دلائل وآثار لفيروس « كورونا» في 74% من الجمال أحادية السنام والموجودة في المملكة بالذات. وهذه الأرقام تم التوصل إليها من خلال أخذ عينات من الإبل من مختلف المناطق على سبيل الكشف عن منشأ وطريقة علاج هذا المرض الذي أصاب العديد وتسبب في وفيات لبعضهم.
ولا شك أن مربي الإبل قد أصابتهم تحذيرات وزارتي الصحة والزراعة بمقتل بعد أن حُمّلت الإبل السبب بانتشار فيروس كورونا، نتج عن ذلك ركود تجارتهم حيث انخفضت أسعارها لأكثر من النصف، وقد يتوقف الناس عن شرائها برغم أن تعرضها للحرارة والطبخ يقتل جميع الفيروسات!
وما بين حالة العشق لهذا المخلوق العجيب، والخوف من تسببه بانتشار المرض؛ يقف المجتمع السعودي مترقبا وخائفا تارة ومدافعا تارة أخرى! وحرصا على السلامة ينبغي عدم شراء لحمها إلا من الأماكن المعروفة للتأكد من خضوعها للكشف الطبي وسلامة فحصها ودمغها بعلامة الجهات المختصة.