من المفارقات الغريبة أنّ جماعة (بوكو حرام) التي تأسست عام 2002م هي جماعة مسلحة تدّعي العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، وتنتسب لأهل السنّة للدعوة والجهاد. والمقصود باسمها (التعليم الغربي حرام)، حيث أعلنت الجماعة امتناعها عن الاندماج مع الأهالي المحليين، ورفضها للتعليم والعلوم والثقافة الغربية. ويطلق عليها (طالبان نيجيريا)، حيث تحمل نفس التوجه كونها مجموعة مؤلفة من طلبة تخلوا عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم في قرية (كاناما) بولاية يوبه شمال شرقي البلاد.
وقد جذبت الجماعة لتنظيمها الشباب العاطل عن العمل، وهم يلقون مسؤولية المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في نيجيريا مثل الفساد المتفشي والفقر، على القيم الغربية التي أتت مع الاستعمار البريطاني.
وفيما كان المجتمع الدولي يتجاهل خطر هذه الجماعة المتشددة؛ فاجأهم زعيمها بتصريح يعلن فيه مسؤولية بوكو حرام عن عملية خطف 234 تلميذة في ولاية بورنو في أبريل، ولاقت هذه التصريحات استياء العالم لاسيما عندما هدد بمعاملتهن سبايا وبيعهن وتزويجهن بالقوة! وهو ما يبرز الوجه الوحشي لهذه الجماعة التي أصبحت أكثر عنفاً وفتكاً وتدميراً وإجراماً! وأبعد ما تكون عن تعاليم الإسلام وسماحته، فالإسلام ضد الخطف والقتل والعدوان.
ما يؤسف له أنّ الجماعة التي تدّعي انتماءها للإسلام، تستهدف رموز السلطة وتهدم الكنائس والمساجد والمدارس والجامعات وتعتدي على مساكن الطلاب، حيث قتلوا تلاميذ أثناء نومهم. والعجيب أنّ مجلس الأمن اكتفى بشجب الاختطاف والتهديد، ولكنه لم يدرج الجماعة في القائمة السوداء أو يفرض عقوبات على أعضائها برغم المظاهرات الدولية التي أبدت غضبها لتصرفاتهم. كما لم يتم دعم الجيش النيجيري دولياً لدحر هذه الجماعة التي تشكل تهديداً للأمن.
وكان موقف بلادنا واضحاً حيث ندد مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بها ووصفها بالضلال وتشويه صورة الإسلام، وهو ما سيؤدي إلى عدم التعاطف معها داخلياً لاسيما فئة الشباب المندفعة.
المدهش أنّ هذه الجماعة تضم في صفوفها مسيحيين متشددين أيضاً، وهي نسخة شبيهة بجماعة ماتاشينا المتطرفة في السبعينات، التي كانت تقتل بنفس الطريقة، وهو ما يشير إلى أنّ الإرهاب لا دين له كما لا قلب له ولا زمن له.
أجزم أنّ مصير هذه الجماعة سيكون كمصير باقي الحركات المتطرفة التي تعيش خيالية، في عالم بات يعيش الواقعية ويرغب بالتناغم مع بقية الشعوب بوئام وسلام.