يفترض أننا حينما نجلس أمام شاشة التلفزيون بشكل جماعي أو منفرد طلبا للمتعة والفائدة أن يحدث هذا فعلا أو على أقل تقدير أن نحظى بجزء منه ولكن الحال ليست كما نتمنى فإن سلمت مشاعرنا من أخبار الحروب والكوارث والإحباطات المتتالية لم تسلم من برامج جلد الذات وتصوير كل شيء أنه من سيء إلى اسوأ، وكذلك الحال مع وسائل الإعلام الأخرى.
وحينما نقرر أن ننعتق من ذلك تمطرنا مجموعات (الوتساب) ورسائله التي لا تحكمها قيود ولا تحد منها نُظم ولا تخضع لمنطق وتندر فيها الصحة والأمانة والدقة في نقل المعلومة أو الخبر وتزدهر فيها الشائعة والافتراء والأحكام الجاهزة والتصنيف الجائر والتحريف في كتابة حتى آيات القرآن الكريم، فالكل مصدر للأخبار والوصفات الطبية والإفتاء في كل شيء، وكذلك الحال في مواقع التواصل الاجتماعي.
اظن أن جزءا كبيرا من هذا الجو القاتم له ارتباط مباشر بالضجر الذي يعاني منه الكثير منا وجاهزية أكثرنا لقلب لغة الحوار الهادئ إلى لغة الجدل والشجار والخصومة والانتصار للذات حتى على حساب الحق والعدل والجمال وكذلك الحال في عالم الشعر الذي يحاول أن ينسجم مع ما حوله وتتحول القصيدة إلى مضخة هم لا تتوقف عن إنتاج المظلم من الشعر، فهل ماتت القصيدة المضيئة.
وقفة لـ/ إيليا أبو ماضي
قال: السماء كئيبة وتجهما
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتسم
لن يرجع الأسف الصبا المتصرما
أيكون غيرك مجرما. وتبيت في
وجل كأنك أنت صرت المجرما
قال: العدى حولي علت صيحاتهم
أَأُسر والأعداء حولي في الحمى
قلت: ابتسم, يكفيك أنك لم تزل
حيا, ولست من الأحبة معدما
قال: الليالي جرعتني علقما
قلت: ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما
طرح الكآبة جانبا وترنما