جزم بأن أزمة وزارة الصحة الحالية ليست بحاجة لجراح عبقري حتى ولو وصفت معالي المهندس عادل فقيه وزيرها المكلف بالجراح، ولا إلى تدخل طبيب ماهر حتى ولو بلغت شهرته الآفاق. أزمة وزارة الصحة ومنذ نشأتها إدارية بحتة، وخلاصها من كبواتها المتلاحقة يستدعي وجود قائد إداري محنك يضع الخطط ويشرف على التنفيذ، لأن الدولة تنفق سنوياً على الصحة ما يقارب المئة مليار، ولأن في الوزارة من الإمكانات ما يساعد أي وزير عملي وطموح على النجاح.
وحيث إن القيادة العليا قد وضعت كامل ثقتها في المهندس عادل فقيه وهو بالتأكيد من خارج القطاع الصحي، فإنها دون شك قد وضعت يدها على الجرح وهو القائد الإداري الخبير، ويبقى التوفيق بيد الله عز وجل.
أدرك أن الوزير عادل فقيه ليس بحاجة في الوقت الحالي للمديح والتطبيل وسرد الإنجازات الماضية قدر حاجته للرأي الناضج والاقتراح السديد والفكرة الجديرة بالطرح والتناول. عدا ذلك من الكلام لن يقدم بل سيؤخر، وربما يؤدي تعالي الأصوات إلى ضياع الوقت وحينها تستفحل الأزمات ويستحيل الحل. ببساطة من يكرسون وقتهم للعمل ليس لديهم استعداد للتماهي مع الضجيج، لأنهم يحتاجون للهدوء من أجل التركيز والتفكير العميق في الحلول المطروحة، واعتماد أفضل الخيارات خصوصاً أن الأمر يتعلق بصحة الإنسان أثمن شيء في الوجود.
الخطوات التي سارت عليها الوزارة منذ تسلم الوزير الجديد مبشرة وتدل على حنكة إدارية مطلوبة وقت الأزمات الطارئة. لمواجهة فيروس كورونا اتخذت الوزارة تدابير عاجلة هي في تقديري تمثل مسارات صحيحة نحو الحل بإذن الله، وتمثل أيضاً خريطة طريق واضحة المعالم، ولعل البدء بالزيارات الميدانية للمستشفيات والمراكز للوقوف على جاهزيتها واستعدادها لاستقبال أي حالات مصابة بالفيروس، ثم تعيين مجلس استشاري يضم خبراء وطنيين وعالميين من دول مختلفة، وتشكيل فريق متخصص يعمل على مدى 24 ساعة للبحث ومتابعة الأزمة، وتخصيص ثلاثة مراكز طبية لمواجهة فيروس كورونا، ثم إعلام الناس بالطرق الصحيحة وحثهم على الابتعاد عن الطرق الخاطئة، وإبلاغهم بالجديد في شأن الفيروس، ونشر الوعي الصحي بطريقة متدرجة، وإرشاد الناس لأخذ الأحتياطات اللازمة، كل هذه خطوات جيدة سيكون لها -بإذن الله- دور في القضاء على الفيروس، وهي خطوات إدارية بحتة إذ يتداخل في رسمها وبلورتها عمليات إدارية وتنظيمية وإشراف ومتابعة تؤكد أن ما ينقص هذا القطاع في الوقت الحالي العمل الإداري المنظم والذي يستثمر الموارد المادية والبشرية المتوافرة أمثل استثمار وبالسرعة والدقة المطلوبة.
أدرك أن وزارة ضخمة بحجم وزارة الصحة لا يتوقف العمل فيها على مجرد مكافحة فيروس وإنما يتعدى ذلك لتجويد الخدمات الصحية، وتمكين كل مواطن من الحصول على الخدمات بكل سهولة، وتقليل نسبة الأخطاء الطبية إلى أقل المعدلات، وإتاحة التأمين الصحي للجميع كي يرفع عن كواهلهم مصاريف العلاج الباهظة في مستشفيات ومستوصفات القطاع الخاص، وضخ دماء جديدة في الوزارة ذات منحى تطويري، وتعزيز المردود المالي للأطباء أصحاب التخصصات النادرة.
حجم العمل كبير لكن لدى المواطن ثقة بأن معالي المهندس عادل فقيه على قدر المسئولية، وبالله التوفيق.