تسع سنوات هي بمقاييس الأمم الزمنية لا شيء، لكنها في حجم العطاءات والإنجازات كبيرة. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله- يجوز لي أن أطلق عليه بوصفي كاتباً وإعلامياً واكب هذه المرحلة حتى قبل بدايتها بـ «عهد الشفافية»، والسبب أن هذا العهد قد شهد حرية إعلامية غير مسبوقة تجيز للجميع النقد والتوضيح وإبراز مكامن الخلل دون تجريح لأحد، ودون الدخول في تصفية حسابات أو استغلال مساحات للتشهير بمن يعملون أو تسفيه لآراء مخالفين، وإنما طرح متزن في حدود الموضوعية المرعية في أي إعلام نزيه، وهو ما دعا أحد الإخوة العرب لوصف الإعلام السعودي بـ «الإعلام المحترم» عند مقارنته بما يجري من ردح وفوضى في إعلام بلاده وبعض البلاد الأخرى.
ظلت موضوعات مقفلة غير قابلة للنقاش أو التداول لسنوات ولأسباب تفهمتها الدولة في حينها، ولأن تلك الأسباب قد بدت بالتهاوي تباعاً مع مرور الزمن فقد رأى أبو متعب برؤية ثاقبة وبنظرة فاحصة أن يعاد النظر فيها ويكون الحكم عليها وفقاً لأحكام الدين الإسلامي الثابتة، أما الأعراف والتقاليد فلا أساس لها، خاصة إذا كانت مخالفة للمنطق وواقع الحياة الحالية، أو كانت سبباً في إيقاف عجلة التنمية، واغتيال روح الحياة. من القضايا العالقة مثلاً مواضيع تتعلّق بحقوق المرأة وتمكينها من المشاركة المجتمعية، وتوسيع نطاق عملها في إطار تعاليم دينها، وطرح موضوعات جريئة لسن قوانين لحمايتها من التحرّش والعنف والإيذاء والحفاظ على كرامتها.
ووفقاً للرؤى الجديدة للقيادة وبدعم غير محدود من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فتح المجال للابتعاث الخارجي ولدول كثيرة بعد أن أقفل لفترة من الزمن مع قصره فقط على بعض التخصصات إضافة للدراسات العليا. وصل عدد المبتعثين إلى أعلى المعدلات على مدى تاريخ الابتعاث الطويل ومضت الدولة في هذا المضمار دون التوقف لسماع بعض الأصوات المثبطة لإيمانها بأن الاستثمار في الإنسان هو الأبقى على المدى الطويل وبالذات في تخصصات نادرة ما زالت الحاجة لها قائمة، ويعد مشروع الابتعاث بحق من العطاءات السخية للقيادة، إذ استفاد منه الآلاف من أبناء وبنات الوطن، وكل يوم نكحل عيوننا باحتفالات تخرّجهم في أكثر من دولة لنشهد واقعياً الإنجازات المتوالية لإنسان هذه الأرض ما يحفز لطرح أكثر من مشروع لتطوير المهارات والقدرات بما يعود في نهاية الأمر بالنفع للوطن.
الشفافية باتت منهجاً للإنسان عبدالله بن عبدالعزيز في لقاءاته المستمرة بكبار المسؤولين وحثهم الدائم على العمل ووضع خدمة المواطن في رأس قائمة الأولويات يحدث هذا أمام مرأى الجميع. انتقلت هذه الشفافية لبعض القيادات حتى إن أكثر من وزير أصبح يتواصل مع المواطنين من خلال تويتر لاستقبال شكاواهم ومطالبهم.
الحرص على المواطن وسلامته ظل هاجس القائد عبدالله بن عبدالعزيز. معظم الأوامر الملكية كانت موجهة لتحسين أوضاعه الوظيفية والمعيشية. أمن المواطن ومنه الأمن الفكري حظي بعناية الدولة، إذ جنّدت كل طاقاتها لمحاربة الفكر المنحرف وثني المغرّر بهم عن سلوك الطرق المعوجة، وإعادة المارقين إلى جادة الصواب.
عهد حافل بالشفافية والعطاء والإنجاز ليس بالكلام وإنما بالحقائق والأرقام.