الفتاة الصغيرة جلست ينتابها السؤال، ولا تنطق..
في عينيها حيرة لكنها لا تتمرد..!!
جبهتها تتحرك بدهشتها..
اقتربتُ منها، ولأن زمناً طال في البعد عنها، خامرها الحياء..
ضممتها إلي أسألها عن مسارها الدراسي، لم تجب..
حفَّزتُ ما أعرفه عنها من مواهب فتبسمت..
تغيّرت ملامح الدهشة، واختبأ في عينيها السؤال..، وجنحت حيرتها بعيداً عن ملامحها..
قالت: المدرسة ترهقنا..، والوقت لا يسعفنا..
قلت لها: كيف..؟
دلقت في أذني كل الذي تريده من المدرسة ومن والديها..، كيف..؟
في النهار أغدو للمدرسة، وأندرج مع حصصها المكثفة.., وبرامجها الإضافية ..،
وفي العصر أدرس لغتين، وأتدرب على الفروسية, ثم أمارس الرياضة في النادي،
ومن ثمَّ أذهب لمعهد أتلقى فيه الرياضيات المطورة..
سألتها كل هذا يومياً، أم هو برنامجها الأسبوعي؟
قالت: اليومي عدا الرياضيات أدرسها بشكل مكثّف أربع مرات في الأسبوع..
شجعتها بإعجاب، جئت لها بنماذج المتفوّقين على الوقت وعلى الذات, بسطت لها عن سهرهم، وفاقتهم, وإصرارهم ..وبقيت أسماؤهم ومنجزهم ...
سألتها عن بعض أسمائهم التي تتلقى عنها الآن، كيف تمادى الزمن، رحلوا وهي تستقي من جداولهم..!!
في ملامحها الحيرة التي طارت تشكلت كائناً يتدفق أسئلة..
قليل من الوقت بيني وبينها..، ابتسمت بطمأنينة.. ونهضت بكامل امتشاقها نشيطة..
قبلتني واعتذرت عن المكوث وهي تقول لي: بالفعل وقتي «هو الذي أنجزه, وليس الذي يستنزفني» ..!
كانت هذه آخر عبارة لي ألقيتها عليها، فذهبت ترددها بعزيمة أن تتمثّلها...!!