كلام خطير جداً، جاء على لسان الرجل الأول الذي يحمل حقيبة المياه الوزارية في المملكة العربية السعودية،وفي مناسبة رسمية شرفها ورعاها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز أمير منطقة حائل، وعلى مسمع ومرئى كبار المزارعين وملاك الشركات الزراعية العملاقة وأهالي المنطقة والإعلاميين والباحثين المتخصصين في هذا المنشط التنموي الهام ..
) («الساق» المائي الجوفي الذي تعتمد عليه منطقة حائل استنزف خلال الست سنوات الماضية ما مقداره 14 مليار متر مكعب بما يكفي ل400 سنة قادمة ) ؟!!.»سبق».
) ( إن ما تستهلكه منطقة حائل لإنتاج محاصيلها الزراعية قرابة مليارين وثلاثمائة متر مكعب سنويا، وللأعلاف وحدها مليار وأربعمائة مليون متر مكعب سنويا، وإذا قارنا ذلك باستهلاك المنطقة لمياه الشرب، وهو 32 مليون متر مكعب سنويا، لوجدنا أن ما تستهلكه المنطقة زراعيا في السنة الواحدة يعادل الاستهلاك السنوي لـ70 سنة وللأعلاف 45 سنة).
) (... صناعة الألبان مستهلك مباشر للمياه عند زراعة الأعلاف محليا، بمعدل 500 لتر ماء لكل لتر حليب...)
ما تحت الأرض بالنسبة لأمثالي يعد غيباً نسبياً لا نعلم مقداره، ولا حتى أين مكان وجوده، ومتى سيكون نفاذه ؟ ، ولكنني وغيري من بني آدم ندرك بالدليل والبرهان العقلي والنقلي ومن خلال المشاهدات والقرائن ماذا يعني أن نفقد الماء لحظة ما، وفي نفس الوقت نعرف الجواب الصحيح والقطعي لأثر انقطاع الماء وشحه في أرض كانت حية مزدهرة عامرة يسكنها إنسان ويعيش فيها طير وحيوان ، خاصة أننا نحن الحائليين شاهدنا بأم أعيننا مدناً وقرى كثيرة في الجهة الجنوبية من المنطقة هجرها أهلها بعد أن جفت آبارهم ولم يجدوا ما يشربون قبل أن يصلهم مدد مشروع المياه الشامل.
حائل في جهتيها الشمالية والشرقية الواقعتين خارج الدرع العربي منطقتين زراعيتين بامتياز، بل يمكن القول إنهما بمثابة السلة الغذائية للمملكة العربية السعودية، فالزراعة القطاع التنموي الأساس في حائل المنطقة، والمشغل الأكثر، والموظف الفعلي متى ما لقي الدعم والتشجيع والمساندة وتولد عنه التصنيع الغذائي والتسويق والتخزين، ولقد كان للقرارات الوزارية دور أساس في ضعف هذا القطاع، ومن ثم نقل عدد كبير من المزارعين إلى خانة العاطلين المحتاجين بعد أن كانوا يوماً ما من الموظفين والمشغلين للأيدي العاملة الباحثة عن فرص مناسبة لطلب لقمة العيش قريباً من أهلهم وفي محيطهم الحياتي الذي لا تسمح لهم ظروفهم الصعبة مغادرته والضرب في الأرض.
نعم يتفق الجميع مع ما ذهب إليه معالي الوزير من أثر زراعة الأعلاف في استنزاف الماء، ولكن الحل الذي يطلبه الجميع هو سقيا المنطقة من مياه البحر المحلاة، إضافة إلى تشجيع الدولة ودعمها واهتمامها وتوجيها وإرشادها لأنواع من الزراعة يحتاجها الإنسان وذات احتياج مائي قليل.
لقد شُرفت بإلقاء كلمة أهالي حائل إبان زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أدامه الله للمنطقة يوم 15 من شهر جمادى الأول 1427 هـ ، وكان المطلب الرئيس والملح للحائلين هو (الشرب من ماء البحر)، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم وسيظل هذا المطلب قائماً وبقوة لما له من أثر مباشر في نمو وحياة وتطور المنطقة.
لقد أنشأت وزارة المياه مشروعها الشامل والذي يعد من أهم وأضخم المشاريع في المنطقة، ولكن اعتماده الكلي على المياه الجوفية يبعث على الخوف في قادم الأيام، ولا يمكن أن تكون التضحية الكلية بالزراعة للمنتجات الغذائية الأساسية التي ليس باستطاعة البشر العيش بدونها هي الحل والثمن، والجمع بين المنفعتين هو المطلوب «التوظيف الأمثل للأراضي الزراعية الموجودة في المنطقة رغبة في ضمان الأمن الغذاني الضروري دون إهدار المياه الجوفية على الأعلاف خاصة البرسيم، وفي نفس الوقت مد خطوط التحلية سواء من القصيم أو تبوك لبقاء أهالي المنطقة أحياء.
دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.