صدر عن دار مدارك للنشر كتابا لمعالي الأخ الدكتور إبراهيم بن محمد العواجي ((وكيل وزارة الداخلية سابقاً)) بعنوان «التنمية وعربة الكرو». وأجاد فيه -كعادته- بتقديم دراسة نقدية لحال الإدارة بالمملكة العربية السعودية بحكم عمله وكيلاً لوزارة الداخلية لما يقارب من خمسة وعشرين عاماً،
عايش خلالها الكثير من التحولات التنموية صعوداً وهبوطاً وتعامل مع كل شرائح المجتمع وقضاياه المتعددة وهو حصل على درجة الماجستير من الولايات المتحدة الأمريكية. وعنوان رسالته «إدارة التنمية بالمملكة العربية السعودية» وعلى درجة الدكتوراه عام 1971م وعنوان رسالته «البيرقراطية والمجتمع السعودي» من جامعة فرجينيا.
لقد شخص معالي الأخ الدكتور إبراهيم العواجي التنافر الكبير بين السياسات والطموحات والإمكانات التنموية بالمملكة العربية السعودية من واقع تجاربه الطويلة، إدراكاً منه للمرحلة الحرجة التي تمر بها المملكة بسبب ذلك التنافر من جهة، والأهداف الكبيرة التي تسعى القيادة العليا لتحقيقها لتلبي تطلعات المواطنين وحاجاتهم من جهة أخرى، بهدف إحداث تطور في الإدارة العامة الحاضنة لعناصر التنافر (السياسات والطموحات والإمكانات) وبما يتناسب مع الثروة الهائلة المتاحة حالياً بالمملكة ولله الحمد والشكر لتحقيق التنمية المستهدفة في خطط الدولة الخمسية.
وعن تسمية المؤلف لكتابه بهذا المسمى ((التنمية وعربة الكرو)) هو إدراك المؤلف - حسب ماذكر- من خلال الممارسة بأن عملية التنمية بالمملكة تسير على عربة الإدارة وليس بالإمكان أن تتحقق التنمية بسرعة العربة، رغم توفر العناصر الأخرى الأساسية كالثروة والإدارة السياسية، في زمن السرعة والتحديات المصاحبة لعامل الوقت الذي تحتاج فيه التنمية إلى سرعات قياسية جديدة تتسابق نحو معدلات سرعة الضوء. وهو ما تعيشه الإنسانية في هذا الزمان.
وقد اشتمل الكتاب على الأبواب التالية: 1- التنمية وعربة الكرو 2- لمحة تاريخية عن الإدارة العامة بالمملكة 3- الإدارة والتنمية 4- الإصلاح الإداري في المملكة 5- القيادات الإدارية 6- مراكز القوى الإدارية 7- الخطط الخمسية 8- الأنظمة والأجور 9- الروتين 10- المركزية 11- البيروقراطية 12- الإدارة المحلية 13- التضخم الوظيفي 14- التعليم والتدريب التقني 15- المؤسسات العامة 16- أجهزة الرقابة 17- الكرسي 18- ظاهرة اللجان 19-الموظف الصغير 20- مقاومة التغير 21- الخاتمة.
وقد تطرق المؤلف في الخاتمة إلى أن ما طرحه من بعض الأفكار ضمن السياق العام للكتاب إلا أنه أكد على أن التصدي للهدف الذي يتمثل في معالجة الإدارة بالمملكة، سوف يؤهلها لأداء دورها الحيوي في إدارة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى مستويات أفضل وهذا يحتاج إلى الكثير من العوامل غير المتوفرة في دراسته للقضية موضوع الكتاب.
ويؤمن المؤلف بأن العلاج لن يكون ما لم تتوفر الإرادة لدى القيادات المسؤولة المدركة لأهمية الإصلاح والمستعدة لتبنيه دون المواربة أو المقاربة أو تفضيل الاعتبارات الأخرى على مطلب الإصلاح، ويرى أن ذلك يتم من خلال إعادة هيكلة الإدارة العامة بالمملكة في كل مستوياتها بشكل جذري بعيداً عن المجاملات والترقيع في عملية الإصلاح أو التحديث ولو تعددت آثارها عن المألوفات أو المصالح الخاصة طالما أن الهدف من ذلك تحويل الإدارة العامة من عبء على التنمية إلى المحرك الفاعل واللاعب الرئيس في ديناميكية التطوير.
ويرى أن أهم قرارات الإصلاح الإداري تتمثل في إعادة النظر بدور وزارة المالية وتحويلها إلى وزارة خزانة للتفرغ لإدارة مهامها الأساسية، ولتمكين الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية من تحقيق أهدافها تحت مسؤلياتها أمام الجهات العليا، مع ربط الميزانية العامة للدولة بمجلس الوزراء من خلال هيئة مستقلة لضمان ربط بنودها بالخطط الخمسية من جهة وخضوع قرارها لبحث مشترك من قبل لجان وزارية حسب الموضوع، مع تحويل ميزانية الدولة من ميزانية البنود إلى ميزانية البرامج والأداء، وهو ما يكفل تحقيق برامج الخطط الخمسية واستقرار أحوال المشاريع، وبدون ذلك التحول لن يكون هناك تطوير للإدارة وبالتالي تحقيق التنمية المستهدفة، واستمرار سير التنمية على عربة الكرو خلافاً لما تعيشه الإنسانية في هذا الزمان.
يحلم المؤلف معالي الدكتور إبراهيم بن محمد العواجي بانتظار تحقيق تلك العناصر التي تمناها في كتابه « التنمية وعربة الكرو» ويحلم معه كل متابع لواقع التنمية في بلادنا الغالية، والأمل بالله ثم بالقيادة الحكيمة لوطننا الغالي حفظها الله وأعزها بنصره وتوفيقه.