هناك العديد من الفوائد للمؤتمرات وما شابهها من ملتقيات أو ندوات أو معارض أو غيرها من المناسبات التي يتم من خلالها مشاركة الأفكار ومناقشة بعض الحلول التي تُطرح لبعض المشكلات، كما أن فيها تفاعلاً عبر المحاضرات التي تُلقى وأوراق العمل التي
تُقدم إضافة إلى فوائد المناقشات الجانبية والتي تتم على هامش تلك المناسبات.
غير أن ما ينقص تلك المناسبات التي تعلن باستمرار والتي تخصص من أجلها أضخم الميزانيات، وتسخّر لها فرق العمل حتى أصبحت مجالاً من مجال الأعمال والاستثمار، فخصصت لها شركات ومؤسسات تسعى لتنظيم تلك المؤتمرات والملتقيات، وساهمت تلك الجهات في أن تجعل من تلك المناسبات مناسبات سنوية متكررة عاماً بعد عام، غير أن الفوائد العائدة من تلك المؤتمرات على مستوى المجتمع والأفراد لا تزال دون المستوى ولا يزال الكثير بمن فيهم رواد تلك المؤتمرات، بل وحتى المنظمون يعانون من ضعف مستوى مخرجات تلك المناسبات.
إن ما يحدث في المؤتمرات من تواصل بين الجهات المختلفة وصقل لبعض التجارب ومعرفة ما لدى الآخرين أمر إيجابي غير أنه يمكن أن يستفاد منه بشكل دائم وليس بشكل مؤقت لفترة المناسبة، فخلال تلك المؤتمرات تنشأ علاقات في مجالات علمية واقتصادية واجتماعية وتتكون شبكات ومجموعات بحثية، ويكون هناك تبادل للخبرة والمعلومات، غير أن الملاحظ أن كل تلك العلاقات تنتهي بانتهاء آخر يوم في المناسبة، وقد لا يلتقي المشتركون إلا العام الذي يليه دون أن يكون بينهم أي تواصل خلال العام.
بعض تلك المؤتمرات تكون موضوعاتها بعيدة كل البعد عن واقعنا المعاصر ولا تخص المنطقة التي يقام فيها المؤتمر ولا يتناسب الطرح المقدم مع الأهداف الموضوعة لذلك المؤتمر، بل إن المدعوين سواء من الداخل أو الخارج لا صلة لهم بموضوع المؤتمر، أو أن اختيارهم تم لعلاقات شخصية أو باعتبارهم من الرعاة الأساسيين لتلك المناسبة، فيتم الطرح إما من خلال أوراق بحث مكررة أو ضعيفة، أو من خلال ثرثرة وسرد كلام عام وتقديم قصص وآراء شخصية، أو من خلال طرح تجارب لا علاقة لها بواقعنا المعاصر، وفي خضم هذا الطرح تضيع النتائج المأمولة من تلك المناسبة ولا تعلن، ويبقى تنظيم تلك المناسبة، لا لأجل الوصول إلى هدف معين، بل من أجل تنظيم المناسبة فقط، فالمهم لدى البعض هو أن يُقال تم تنظيم المناسبة، لا أن يُقال لقد كانت هناك عدة فوائد من المناسبة شملت العديد من المجالات المختلفة.
لقد غلب على كثير من هذه المناسبات ضيق الوقت الذي يتاح لتنظيمها، إضافة إلى ضيق الوقت الذي يتاح للمشاركين فيها فتجد أن هناك جلسة واحدة مدتها ساعة ويشارك فيها 5 من أصحاب أوراق العمل بحيث يتاح لكل مشارك أقل من 10 دقائق، وفي نهاية تلك الجلسة يتاح 5 دقائق للجمهور للأسئلة والتي تقتصر على سؤال أو اثنين، وهكذا تختتم الجلسة فأي طرح يمكن أن يقدم في أقل من 10 دقائق؟.. وأي فائدة يمكن أن تُؤخذ من خلال وجود 5 مشاركين على منصة واحدة يتحدثون في أقل من ساعة واحدة.
لقد أصبحت الغاية من تنظيم بعض المناسبات هي من أجل استعراض نتائج لا حقيقة لها، ومن أجل مجاملات شخصية بل إن البعض يسعى لتنظيم مناسبات تهدف إلى الإشادة والمدح والثناء، بل إن توصيات بعض المؤتمرات إن أُعلنت فكثيرٌ منها لا يجد طريقه للتطبيق وتبقى حبيسة الأوراق ولا تجد من يتبناها أو يسعى لتفعيلها، ولذلك فعلينا أن نعيد النظر في مثل تلك المناسبات وأن نحرص لا على إلغائها فلا شك أن فيها فوائد وإيجابيات ودورنا هو أن نؤكد فائدتها على مستوى عملي وتطبيقي، وأن نجعل من مخرجاتها أثراً في حياتنا العملية، لا أن تكون عبئاً تنظيمياً صورياً لا فائدة منه.