أوصى الله عز وجل بالوالدين إحساناً، وحثنا نبيه الكريم عليه الصلاة والتسليم في كثير من الأحاديث بأهمية بر الوالدينفقال عليه الصلاة والسلام: (رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل من يارسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة)،
وعندما جاءه صلى الله عليه وسلم رجل يستأذنه في الغزو، قال له عليه الصلاة والسلام: (هل لك أُم؟ قال نعم، قال: فالزمها فإن الجنة عند رجلها)، وكان علي بن الحسين من أبر الناس بأمه، فكان لا يأكل معها فسئل فقال: (أخاف أن تسبق عينها إلى شيء من الطعام وأنا لا أعلم به فآكله فأكون قد عققتها)، وهناك العديد من القصص الموجودة في تراثنا الإسلامي والتي يجب أن نعود إليها بين حين وآخر لنعرف ما هي حقوق الوالدين وكيف كان السلف الصالح يبرون آباءهم.
وقد تعودنا مؤخراً أن نقرأ بعض الأخبار عن عقوق الوالدين وأن نجد بعض الأبناء يسيئون معاملة آبائهم وأمهاتهم بل ويتجاوزون كل الخطوط الحمراء ليعتدوا عليهم في بعض الأحيان بالضرب، فضلاً عن إيداعهم بعض الدور أو المستشفيات وعدم السؤال عنهم أو إهمال حقوقهم والإساءة اليهم من أجل رضا الزوجات وغيرها من الأمثلة والنماذج العديدة والتي كثرت للأسف في واقعنا المعاصر.
ومع وجود تلك الأمثلة السيئة نجد أن هناك نماذج مشرقة من الأبناء حرصوا على بر والديهم بطرق حديثة غير تقليدية وبدون أي حرج فها هم مجموعة من الشباب لديهم مشروع تجاري جديد قاموا بإنشائه وعند افتتاح المشروع لم يذهبوا إلى مسؤول في جهة حكومية أو أحد رجال الأعمال الكبار أو شخصية اجتماعية، بل ذهبوا إلى من هم أفضل من جميع أولئك، ذهبوا إلى أمهاتهم ودعوهن للحضور في يوم الافتتاح ليكون ذلك الافتتاح على شرفهن وفعلاً حضرت الأمهات وقمن بقص الشريط لإطلاق المشروع، كلي يقين بأن تلك اللحظة لن تنسى للجميع سواءً لأصحاب المشروع أو لأمهاتهم، وكلي يقين بأن مثل هذا الافتتاح سيكون حافزاً كبيراً لأصحاب المشروع أن يبذلوا ما في وسعهم لإنجاحه، كيف لا ومن افتتحه هن أمهاتهم.
نموذجاً آخر يتمثّل في قيام مجموعة من الأبناء كان والدهم قد قام ببيع سيارته التي كان يحبها كثيراً من أجل أن يقوم بتعليم الأبناء بثمنها، وبعد أن تعلم الأبناء وكبروا والتحقوا بأعمالهم تمكنوا من العثور على تلك السيارة التي باعها والدهم وقاموا بشرائها له مرة أخرى وتقديمها هدية منهم لوالدهم ولكم أن تتخيلوا فرحة الوالد ليس فقط بعودة سيارته له بل بحب ووفاء الأبناء له.
ونموذج آخر يتمثّل في تبرع إحدى الفتيات لوالدها بكليتها بعد أن كان يعاني لأكثر من عام من الفشل الكلوي وساهمت في تخفيف معاناته وإنقاذ حياته وهناك العديد والعديد من النماذج الحديثة لبر الوالدين والتي يجب أن نفرح بها وأن نشجعها وأن نوصي جميع من نلقى بأهميتها.
إن لوالدينا حقوقاً علينا يجب أن نؤديها وأن نجتهد في الإحسان إليهما وأن نسعى ليس فقط لأداء حقوقهما، بل نجتهد لإسعادهما ونبدع في إرضائهما وبرهما ونيْل رضاهما، فمن لنا غير والدينا نسعى لبرهما ولراحتهما فهما من جعلهما المولى سبب وجودنا ولهما حق كبير علينا ولو خدمناهما طول عمرنا لن نوفيهما معشار حقهما، ومن لا زال والداه على قيد الحياة، فليحمد الله أن هناك باباً ما زال مقتوحاً له للخير، فكم من أناس مات آباؤهم وأمهاتهم يتحسرون اليوم ويتجرعون آلام الحسرة والمرارة أنهم لم يقوموا بواجبهم اتجاه والديهم وأنهم قصروا في برهم ولم يحسنوا إليهم، فلننتهز الفرصة ولنبادر، فبروا آباءكم يبركم أبناؤكم.