الأدب العربي حافل بالقيم الفنية والأخلاقية يتجلى ذلك في الحكم والأمثال التي يزخر بها، والتي تصلح لكل زمان ومكان وتعتبر تعبيراً جميلاً عن تطلعات الإنسان وهمومه ومعاناته في سبيل الحياة والسعي في جنباتها.
إن في تلك الأمثال والحكم لزخماً هائلاً من تجارب الأمم والمجتمعات في مختلف العصور وعلى مر الأيام وما زال للحكمة والمثل في الأدب العربي مكانة متميزة. ويحفل الشعر العربي بالحكم والنزعات الشريفة كالحث على مكارم الأخلاق والمحبة وبذل المعروف والشهامة والكرم وفعل الخير والصبر والتعاون والصدق والإخلاص والشجاعة والحزم وحسن الأدب والخلق، وغير ذلك من الصور والمعاني النبيلة، ومن يستعرض دواوين الشعر وكتب الأدب والتراث يدرك حقيقة ذلك.. وحينما يقرأ المرء معلقة زهير يجد روائع الحكمة تتجلى في صورة أدبية بليغة كقوله:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولاً لا أبالك يسأم
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب
تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم
ومن يغترب يحسب عدواً صديقه
ومن لا يكرم نفسه لا يكرم
وهي قصيدة طويلة مؤثرة زاخرة بالأمثال والحكم والصور المؤثرة، كذلك من يستعرض قول أبي تمام:
وطول مقام المرء في الحي مخلق
لديباجته فاغترب تتجدد
فإني رأيت الشمس زيدت محبة
إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد
كم ينطوي عليه هذا القول من مثل وحكمة متجسدة في ذلك، وفي موقع شعري آخر يقول:
وإذا أراد الله نشر فضيلة
طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما حولها
ما كان يعرف طيب عرف العود
والأشعار والأقوال كثيرة في هذا المجال.