هذا الوطن أمانة ومسؤولية في عنق جميع أبنائه، فلنكن أكثر ولاء وانتماء إليه.
وليكن حبنا للوطن فعلاً حقيقياً وممارسة فاعلة لا مجرد شعارات وعبارات فارغة من كل محتوى. فالوطن هو مسقط الرأس وملعب الصبا ومدرج الطفولة ومهوى الأفئدة وموطن الذكريات والمشاعر والأحاسيس وذكريات الصبا، وخفقات الحب الأول، فعلى أرضه يترعرع الإنسان، وفي أجوائه يستنشق عبير الهواء وينمو يكبر ويتعلم. والوطن -كما يقال- أغلى ما في الوجود وأسمى ما في الحياة، ولقد قال ابن الرومي:
ولي وطنٌ آليت ألا أبيعَه
ولا أرى غيري له الدهرَ مالكا
عمرت به شرخ الشباب منعما
بصحبة قوم أصبحوا في خلالكا
وحبَّب أوطان الرجال إليهم
مآرب قضاها الشباب هنالكا
والحديث عن المدن والبلدان في أقوال الشعراء حديث لا يكاد ينتهي، فقد حفل الشعر العربي بأقوال الشعراء في مدنهم وقراهم وأوطانهم وملاعب صباهم ومأوى نفوسهم وأفئدتهم وحبهم في ذلك تركوا لنا أسفاراً ودواوين شعرية ما زالت صوراً جميلة منقوشة في القلوب وحية نابضة في الوجدان، فهو نبع لا يجف أبداً، وإن الحب للوطن ينبغي أن يظل المرء وفياً له مساهماً في بنائه وإعلاء شأنه، باذلاً الخير لكل أهله بما يستطيعه من جهد وطاقة، عاملاً بإخلاص على الخير ونشر الفضيلة والمحبة والتعاون، وإن الوطن في الاصطلاح اللغوي هو المنزل الذي يمثل موطن الإنسان ومحله، ووطن أقام به واتخذه محلاً وسكناً يقيم فيه. ولقد حفل التراث الشعري والنثري بذكر الوطن وأهميته وحبه، وهو مولد الإنسان ومرتع صباه ومنشأه.
إن تنمية حس المواطنة هي العامل الأساس الذي يربط أفراد الأمة بعضهم مع بعض، وعلينا أن نركز على هذا الجانب المهم، ويجب أن يتحمل كل مواطن فينا مسؤوليته نحو أمنه واستقراره وسلامته. فالوطنية فطرة إنسانية فطر الله الإنسان عليها، ولا غضاضة أن يخلص الإنسان لوطنه وحبه ويحرص على سلامته ورقيه ونهضته وتطوره وبلوغه السؤدد والمجد والفخار، ويتمنى له القوة والعزة، خصوصاً أن شخصية المملكة العربية السعودية متميزة بما خصها الله به من حراسة مقدسات الإسلام وحفاظها على مهبط الوحي واتخاذها الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة واستشعاراً.
هذا وبالله التوفيق.