أضحت حاضرة الجبلين وموطن حاتم مدينة جاذبة للسكان بشكل متزايد سنويًّا خلال العشرين عامًا الماضية، من البلدات والقرى التابعة لها ومن باقي مدن المملكة، بل إن كثيرًا ممن يعمل في دوائرها الحكوميَّة وهو من خارجها يفضّل البقاء والسكن فيها حتَّى بعد تقاعده، وهذا ليس بمستغرب فالسكن والعيش في أكناف حائل الوادعة بين أحضان أجا وسلمى له سحر لا يعرفه إلا من اشتم طيب هوائها ونهل من قراح مائها.
ألم يذكر الرحالة الإنجليزي وليم بلجريف في كتابه (قصة عام من الرحلات في وسط الجزيرة العربيَّة وشرقها عام 1862) عن حائل ما نصه (يظهر جبل شمر وكأنه قطعة نقدية جديدة مقارنة بما حوله، وأوحت لنا المدينة بشيء من المعاصرة والأناقة غير المعتادة وكانت مدينة بمعنى الكلمة). هذا عام 1862م!. بل غير بعيد عن الذاكرة حين فازت مدينة حائل عام 1987م بجائزة أنظف مدينة عربيَّة، وكان أهل حائل يفاخرون بهذا، إلى حد أن سيَّارات النظافة التابعة للبلدية تذهب إلى المناطق البريَّة قرب المدينة للعناية بنظافتها!.
كما قلت فإنَّ الضغط السكاني والهجرة الداخليَّة من القرى والأرياف إلى المدن تشكّل ضغطًا على الخدمات والبنية الأساسيَّة (هذا في حال أنها مكتملة)، وحائل أحد أبرز الأمثلة على هذا، إلا أن هذه المسألة لا يفترض أن تكون مبررًا لتردي شوارع مدينة حائل التي بات سكانها وضيوفها يشكون منه مر الشكوى، فالإسفلت بعضه متقادم تنخره الحفر والتشققات مما يشوه المدينة ويضر بالمركبات والبشر بطبيعة الحال.
إن سكان المدينة لا يطاليون بحلٍّ هذه المشكلة خلال أيام ولا يطلبون المستحيل، فالتدرج والأولويات نتاج حسن النوايا والتخطيط وهذا ما يتمناه سكان كل المدن في المملكة وحائل أحدها. عدا عن تحسين وتغيير وضعية المرور بسبب التخطيط القديم لبعض الشوارع وتزاحم وتراص المحلات التجاريَّة مما يكدس أمامها السيَّارات فتنتج الفوضى المرورية. وللحق لا يمكن إلقاء الملامة على الأمانة وحدها، فهناك جهات حكومية تلحقها المسئولية كالمرور والتجارة وغيرهما من الجهات الخدمية، ثمَّ الجمهور الذي منه فئة وللأسف تستكثر أو كأنها تزدري الالتزام والنظام. فالمسئولية يشترك فيها الجميع. لكن حديثي هنا للأمانة في المقام الأول وعلى القدر والمكانة تكون المسئولية.
وكمثال على تردي كثير من الشوارع وبقائها على حالها دهرًا، هناك أرصفة مرصوصة بالإسفلت بدل البلاط وكأن الإسفلت على الشوارع لا يكفي!، وهذه قائمة على حالها منذ ما يزيد على الثلاثين عامًا، ونعلم الآثار البيئية والصحيَّة بل والنفسية على السكان من أرصفة مكسوة بالإسفلت دون أشجار خضراء تكسر الوحشة البصرية وتكون رئة تتنفس بها المدينة!.
كما يتمنى السكان أن تشهد مدينة حائل هبّة الأمانة على المطاعم وقوت الناس كالذي شهدته مدينة الرياض فأحدث نقلات جبارة في التزام المطاعم وما في حكمها بالنظافة وسلامة الطعام.
أحسب أن أمين مدينة حائل المهندس إبراهيم أبو راس ممن يحمل هموم سكان المدينة ويعمل بجهده على التعامل معها وحلّها وإلا لما وثق به أصحاب القرار حتَّى تمَّت ترقيته مؤخرًا، وإني إِذْ أبارك له هذه الثقة، فهذه بعض هموم أهل حائل الكرام حسب ما أتاحه المقام وإلا هناك المزيد مما لا يغيب عن معالي الأمين. حين يلمس أهل حائل التحسن في الخدمات البلدية والبنى التحتية عندها سنقدم التهنئة الأكبر لك أيها الأمين.
ختامًا، يقول امرؤ القيس:
أبت أجا أن تسلم اليوم جارها
فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
تبيت لبوني بالقرية أمنا
وأسرحها غبا بأكناف حائل
ويقول زهير بن أبي سلمى:
وقد أراها حديثًا غير مقوية
السر منه فوادي الجفر فالهدم
فلا مكان إلى وادي الغمار فلا
شرقي سلمى فلا فيد فلا رهم
وطرفة بن العبد:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
بروضة دعمي فأكناف حائل
ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد
ولكم صافي الود.