قدمت تهنئتي الشخصية وتهاني أسرتي عبر الصديق الدكتور ماجد المنيف إلى جميع آل المنيف الكرام بمناسبة تكريم الرئيس الأمريكي لابنتهم المتميزة الدكتورة مها المنيف.
رئيس أقوى دولة في العالم، نيابة عن دولته، يكرم الطبيبة السعودية الدكتورة مها المنيف كأشجع امرأة في العالم.
يا لها من مناسبة مبهجة ومدعاة للفخر العارم، لجميع السعوديين، وللمرأة السعودية على وجه الخصوص.
لكن يا للمفارقة، أشجع امرأة في العالم ليست أمريكية تتمتع بشجاعة فائقة في بلد تتسع فيه الحريات الحقوقية للمرأة للوصول إلى أعلى مراكز المسؤولية التي استحقت وسام أعلى درجات الشجاعة النسائية بجدارة امرأة من مجتمع ما تزال فيه حقوق المرأة قيد الدراسة والتدقيق والخطوات الحذرة، امرأة من بنات السعودية.
قلت للدكتور ماجد المنيف ممازحاً، ألم يكن من المفترض أن تكون هذه الشجاعة في رجال آل المنيف، ورد بضحكة مجلجلة، لا أبداً، يكفينا شجاعة نساءنا، لكن شجاعة الرجال في عائلتنا تماثل شجاعة الرجال في عائلتكم.
زاد الابتهاج الإضافي بالنسبة لي وفاض حين أخبرني الدكتور ماجد أن أخته مها كانت إحدى الطالبات عندي حينما كنت أستاذاً في كلية الطب في جامعة الملك سعود.
بعد التخرج تخصصت الدكتورة مها في طب الأطفال والتخصص الدقيق في الأمراض المعدية والحميات في الولايات المتحدة الأمريكية.
إذا ً يحق لي أن أدعي بعض المساهمة في هذه المسيرة المجيدة. أشجع امرأة في العالم كانت يوماً ما إحدى الطالبات في محاضراتي في كلية الطب، فينالني شيء من الشعور بالمجد الشخصي، علاوة على فرحتي الغامرة كسعودي بتكريم الدكتورة مها.
بعد التهاني والتعبير عن الفرح الشديد يبقى مكان للعتب على المجتمع السعودي بكافة مكوناته الحكومية والشعبية.
لماذا العتب ؟، لأن المؤسسات الحقوقية الأمريكية تجمعت لديها من المعلومات والبراهين على شجاعة السعودية مها المنيف وأدائها المتميز في مجال المتابعة والدفاع عن حقوق الأطفال المعنفين والمهضومة حقوقهم، لكن هذه المعلومات والبراهين لم تجد في السعودية من يهتم بها بما يكفي لتكريم من استحقت أعلى درجات التكريم من أقوى دولة في العالم.
الحوادث التي تدمي القلب عن تعرض أطفال في المجتمع السعودي للقتل وتهشيم العظام والإيذاء والاستغلال الجنسي والتجويع والاحتجاز في خزانات الملابس، هذه الأنواع من الحوادث روعت المجتمع السعودي مراراً وتكراراً، لكن هذا المجتمع لم ينجب رجلاً واحداً شجاعاً بما فيه الكفاية لينذر نفسه ووقته وراحته النفسية للدخول في معركة حقوقية مكشوفة ضد مرتكبي هذه الجرائم.
أغلب قضايا العنف ضد الأطفال في المجتمع السعودي، مثله مثل أي مجتمع متخلف حقوقياً، تتم لفلفتها والتستر على ملابساتها بادعاء المحافظة على تماسك الأسرة وسمعتها.
لم نسمع أن التحقيق الجنائي فيها كان على مستوى المسؤولية، ولا القضاء الشرعي بت فيها بما يتناسب بين الجريمة والقصاص، ولا الجمعيات الحقوقية ركزت أقدامها ثابتة عند أبواب المحاكم إصراراً على قتل القاتل أو تعزيره بما يستحق.
امرأة سعودية واحدة تمتلك شجاعة فائقة على مستوى كل العالم تصدت لهذه المهمة. مجتمعها لم يكن يعرف عن كفاحها الشيء الكثير.
أليست مفارقة محزنة ومخزية أن يتم التعريف والتكريم بالسعودية الأشجع بين نساء العالم من مصادر أجنبية ؟.
كم نحن فخورون بك يا ابنتنا طالبة الطب السابقة في محاضراتي. أدعو لك بطول العمر وبتحقيق المزيد من الانتصارات لحقوق الأطفال المعنفين.