التطور السريع في منظومات العمل التقني والمجال الإليكتروني لاشك أنها أحدثت نقلة نوعية مهمة في مجال المعلومات، حيث تكونت في هذا السياق المتدفق هجمة رقمية خطيرة في مجالات عدة، فبات الفضاء الإليكتروني وما يحمله من مضامين تقنية تزاحم العمل التقليدي الفني والإداري في أي مركز خدمي، أو منشأة تسعى إلى تقديم عمل حضاري ناجز، يعتمد على السرعة والإتقان، ويحارب التقليدية والبيروقراطية في العمل الخدمي والتجاري على وجه التحديد.
وأبرز هذه التحولات الجديدة في عالم تقنيات المعلوماتية ومجال العمل الإليكتروني هي وسائل الحفظ وأوعية الأرشفة وسبل التخزين للمعلومات والنصوص الاليكترونية، إذ تحتاج هذه المنظومات إلى مزيد من الحماية والتفعيل، ومزيد من الثقة في هذا المنجز الحديث ولاسيما وأنه قد بدا فعلا في تحويل المجال الورقي التقليدي إلى عمل إلكتروني يتوسم فيه فوائد جمة، وحلولاً مناسبة لطرق ومحتويات الحفظ والأرشفة التي لا يزال بعضها يعاني من تبعات النظام التقليدي منذ عشرات أو مئات السنين.
إلا أن ما يلاحظ على هذه الوسائل الحديثة في الحفظ والتوثيق الإليكتروني أنها تشكل عبئاً إضافياً في طرق تقديمها، إذ لا تزال الكثير من الجهات الخدمية والتجارية والإدارية تعمل على الحفظ بنسختين إليكترونية وورقية، أي أنها لم تتخلص بعد من جوانبها التقليدية التي كانت تطيل في الإجراءات، وتطلب الكثير من الأوراق والثبوتيات والتوقيعات التي يكون أكثرها مكررا وغير مفيد.
ومع أن النظام الاليكتروني والتقني الحديث الذي يُعمل فيه هذه الأيام يعد متميزاً، وآمناً في ظل سعي هذه الجهات من شركات متخصصة في مجال أمن وحماية المعلومات الرقمية على نحو توثيق برامج الوضع المالي وحسابات العملاء إلا أن هناك ما يشبه عدم الثقة في مثل هذه الوسائل مما قد يتطلب وجود أنظمة حفظ تقليدية موثوق فيها لدى بعض الجهات الخدمية.
أما في مجال البحث العلمي والدراسات المتخصصة في بعض الجهات التعليمية فإنها لم تثق بعد في منجز التوثيق أو الحفظ الإليكتروني، أو اعتماد ما يكتب عبر والوسائل الإليكترونية، بل إنها لم تعتمد المعلومة الاليكترونية كمراجع ومصادر في مجال البحث العلمي كالمواقع التي تحتوي على معلومات معدة إليكترونياً.
والكثير من الجامعات والمنشآت العلمية لا تزال تكافح من أجل قيام منظومات عمل إليكتروني يكفل سلامة الحفظ والتوثيق، وعلى سبيل المثال قطعت جامعة الملك فهد في المنطقة الشرقية شوطاً كبيرا ومميزاً في تحويل منظومات العمل التعليمي والإداري وحفظه وتوثيقه بأسلوب إليكتروني مميز وآمن حتى بلغ نسباً عالية تكفل لهذا المنجز التقني الحديث أوعية حفظ مناسبة، وسبل استرجاع ملائمة تحقق أفضل النتائج وتحفظ سرية العمل وسهولة الرجوع إليه والتخلص نهائياً مما هو ورقي، أضف إلى ذلك استبعاد فكرة الازدواج في الحفظ أي بنسخ مكررة ورقية واليكترونية.
وما يسهل عملية الأرشفة والحفظ الإليكتروني في المجالات الخدمية ويكفل نجاحها هو تطبيقها في الأعمال الجديدة، والمقرات المنشأة حديثا، مع السعي إلى أرشفة كل ما هو ورقي خدمة للمشروع الإليكتروني الحديث الذي أثبت جدواه في مجال الخدمات، وسهل الكثير من الإجراءات التي كانت في السابق معضلة يعيشها الإنسان على نحو الأحوال الشخصية والمرور والجوازات والخدمات المنزلية والمتطلبات اليومية.