يطلق مصطلح (شخص رمادي) على تصرفات بعض الأفراد الغامضة أو المبهمة ! ويعمد بعض الناس للوقوف في المنطقة الرمادية؛ إما محاولة منهم لإرضاء طرفين متناقضين، أو إمساك العصا من منتصفها حتى لا يفقدوا مكاسب حاضرة أو يخسروا صداقات وعلاقات قائمة!!
وغالبا من يداري الناس ويجاملهم يكون رماديا، وتلطيفا يسمى دبلوماسيا، حيث يظهر بدون توجه صريح أو ميول واضحة. وعادة يُطلِق عليه المتطرفون من الجانبين «المتشدد والليبرالي» لقب (مائع) كوصف على الذوبان أو الضبابية والمداراة ! حيث يصعب تصنيفه، برغم أن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن حسم ـ بزعمه ـ هذه الجدلية بمقولته المشهورة (من ليس معنا فهو ضدنا)!
والرماديون أصناف متعددة منهم السلبيون ومنهم الإيجابيون، ومن الإيجابيين الوسطيون، حيث وصف الله أمة محمد عليه الصلاة والسلام بقوله :(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا).
ومنهم المتزنون العقلانيون غير المندفعين الذين ينظرون للحياة بتروِ وحياد تام دون ميل لأحد الفريقين المتطرفين ! ويأتي الصامتون وسط الضجيج ليشكّلوا فريقا رماديا لحين تسنح لهم فرصة الكلام والحديث بعيدا عن حوار الطرشان ! والواقعيون دون إفراط بالتفاؤل أو الآمال المغشوشة ينضمون للرماديين، فهم اعتادوا ألا ييأسوا على ما فاتهم حينما لم تُمنح لهم الفرصة كاملة ليضعوا بصْمتهم واضحة، ولا يفرحوا بمستقبل مجهول غير واضح المعالم.
وينخرط متوسطو العمر مع الرماديين لأنهم أكثر نضجا ولديهم الرؤية والتجارب التي صقلتهم فلا يغويهم وميض المجد، ولا يغريهم المدح ولا يوجعهم الذم، ولا تستهويهم أضواء الشهرة، فالعقلاء منهم أبدا ثابتون غير متلونين !
وكيلا تذهلنا الصفات الإيجابية للرماديين؛ فإن ثمة صفات سيئة لهم، ومنها السلبية في المواقف الحرجة، حيث لا يشهدون بالحق حينما يُطلبون للشهادة، ولا يقفون مع المستضعفين في مآسيهم ابتعادا عن المسؤولية وتجنبا للاستجواب ! فهم أقرب للؤم والدناءة !
وبعيدا عن الإيجابية والسلبية؛ فإن القرارات المصيرية لا تحتمل اللون الرمادي، فإما أبيض ناصع أو أسود حالك !! وإما أن تتحقق الآمال أو تتبدد المخاوف!!
وبرغم أن اللون الرمادي يقع بين اللونين الأسود والأبيض، بَيْد أنه بالواقع لونا كئيبا عابسا شاحبا، ولو كان الوصف باللون الوردي أو السماوي لكان أجمل !!
جمّل الله أيامكم بالألوان الزاهية ..