قال اقتصاديون إن القطاع العام لم يعد قادراً على توظيف السعوديين في ظل تنامي حجم الخريجين والباحثين عن العمل وطالبوا بضرورة التحول إلى الاقتصاد المعرفي والتركيز على الصناعة كونهما يمثلان خيارا جيدا لاستيعاب العاطلين عن العمل وأكد الاقتصادي محمد الفيصل أن مشكلة البطالة لن تتلاشى تلقائيا دون العمل على إيجاد تدابير وحلول بعيدة المدى ومن أهم هذه الحلول مراجعة أنظمة العمل الحالية جنباً إلى جنب مع سد الفجوة بين القطاعين العام والخاص من ناحية المزايا والأجور، إضافة إلى الجهد البشري للعمل وتحديداً في ساعات العمل والإجازات وخلافه.
وأضاف: يجب أن تعيد الجهات التعليمية النظر في تطبيقاتها لضمان أن تكون المخرجات التعليمية متاحة بخيارات متعددة تخدم سوق العمل لأن العنصر البشري هو العامل الأهم في التنمية الاقتصادية والذي متى ما اكتملت عناصره أدى إلى أن يأخذ حيزا ًفعالاً في قضية التنمية ولا بد أن نستغل بعض التطبيقات القائمة مثل حوكمة الشركات لإدراك أهمية ايجاد كفاءات وطنية تتفاعل مع أجهزة الدولة مثل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لخلق فرص وظيفية جاذبة بما يكفل تحقيقها للحد الأدنى من العيش الكريم للباحث عن العمل.
وطالب الفيصل بضرورة المزيد من الجهد لإعادة هيكلة سوق العمل وتنظيمه لأن مخرجات التعليم تصطدم بفرص توظيف متدنية لوجود ملايين من العمالة الأجنبية الأقل أجراً، وأضاف: يجب أن تتبنى الجهات المعنية توفير وظائف تتناسب مع المتغيرات وتتوافق مع تطلعات الباحثين عن العمل فلنا أن نتخيل ما أشارت له بعض الدراسات ومنها تقديرات منظمة الخليج للاستثمار بأن المملكة تحتاج توفير 700 ألف فرصة عمل جديدة لمواطنيها بحلول 2015، و600 ألف وظيفة بين 2015 و2020م.
من جهته قال الخبير بندر الضبعان إن المشكلة التي تواجه الباحثين عن عمل في العالم العربي والمملكة خصوصا، تتمثل في أمرين: تدني مستوى "توظفية" الباحثين عن عمل، وتشبع القطاع العام وعدم قدرته على استيعاب موظفين جدد.
مضيفا أن التوظفية هي قدرة الباحث على دخول سوق العمل، وهذه القدرة تعتمد على ما يملكه من معارف ومهارات والثقافة المرتبطة بالعمل التي تمكنه من تسويق ذاته لدى الشركات.
وإذا نظرنا إلى منظوماتنا التعليمية العامة والعالية التي يتخرج منها أولئك الباحثون، فإننا نلاحظ أن القائمين أشغلوا أنفسهم بهاجس "كم صرفنا على التعليم؟" أكثر من هاجس "كيف صرفنا؟ ومذا حققنا؟"، ولذلك تكون النتيجة خريجون وخريجات لديهم "شهادات" لكنهم يفتقرون إلى امتلاك "المعرفة" و"ثقافة العمل".
ورأى الضبعان أن "التعليم" هو جزء من مشكلة البطالة، كما أنه في الوقت ذاته الحل الناجع للمشكلة، ولذا يجب أن نعيد تحديد دور المدارس والجامعات، لكي تركز أكثر على تزويد الطالب بالمعارف والمهارات اللازمة لسوق العمل، بما يتماشى أيضا مع موهبته وميوله.
وأضاف الضبعان: القطاع العام بالسعودية متشبع ولم يعد قادرا على استيعاب المزيد من الموظفين الذين تجاوزوا 1.2مليون موظف ومستخدم.
بل حتى القطاع الخاص سيتشبع خلال العقد القادم، وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي عام 2013م الذي حذر السعودية من أن القطاع الخاص قد لا يستطيع خلق فرص عمل للسكان المتزايدين عددا، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة.
فصندوق النقد ينبه المسؤولين السعوديين من المستقبل.
وتابع: متى ما تمكنت الحكومة من تقليل الاعتماد على النفط الخام من خلال تعزيز التوجه نحو الاقتصاد المعرفي والتركيز على الصناعة، مع إعادة هيكلة القطاع العام والتوسع في عملية الخصخصة، وتشجيع ريادة الأعمال، والتوسع في تأنيث الوظائف، فإننا نسهم بذلك في تعزيز الاقتصاد الوطني بصورة جذرية إلى حد يبعد عن شبابنا وفتياتنا شبح البطالة.
وكان تقرير متخصص قد أشار مؤخرا إلى ضرورة استحداث فرص عمل في الوطن العربي تكفي لنحو 11 مليون طالب عمل جديد إلى سوق العمل سنوياً.
وأشار التقرير أن الحكومات العربية استثمرت بشكلٍ كبير في قطاع التعليم خلال العقد الماضي، إلا أن مؤهلات رأس المال البشري الذي تنتجه النظم التعليمية لا تتطابق حتى الآن مع متطلبات احتياجات سوق العمل.
وتعتبر التحديات التي تواجه نظم التعليم العربية من بين الأكبر في العالم، إذ تشير الإحصاءات إلى أن 43% من خريجي الجامعات في السعودية عاطلون عن العمل، في حين لا يزال 22% من الشباب المتعلمين في المغرب و 14% في الإمارات يبحثون عن وظائف.
وهذا مؤشر واضح يمكن أن تستند إليه الاستراتيجيات الوطنية للتركيز على دعم التخصصات التعليمية التي يتطلبها سوق العمل، وضمان المطابقة المثلى بين المهارات واحتياجات الوظائف.