درس في الولايات المتحدة. سكن في عامه الدراسي الأول مع عائلة. كان الاختيار عائداً بسبب نصيحة زميل ولقرب السكن من المركز الإسلامي بالمدينة.
كانت العائلة مكوّنة من زوجين وطفلتين، بالإضافة إلى ثلاثة طلاب من الصين وسويسرا والبرازيل.
قبل اقتراب شهر رمضان المبارك اجتمعت به ربة المنزل وأخبرته بقرارها تأخير موعد العشاء ليتزامن مع موعد إفطاره . شكر لها إحسانها، لكنه لم يرد أن يسبب إرباكاً للعائلة وللطلاب الآخرين. أكدت له أنها اتخذت قرارها، ثم أعادت لأسماعه ما قد قالته له في أحاديث سابقة، أنها رغم إلحادها إلاّ أنها تصنّف عائلتها بالمُحِبة للمسلمين!
حاول أن يقنعها بأنه سوف يصلي أولاً صلاة المغرب في المركز الإسلامي ، وهذا ما يعني تأخيراً أكثر لموعد العشاء. ربتت على كتفيه : لا تهتم.. سوف نعتبر هذا الشهر مثل إجازة الصيف.. لا بأس من التأخير!
في اليوم الأول من الصيام. اكتفى بتمرة واحدة وكأس من الماء. كان المركز الإسلامي يضم أعراقاً متعددة من المسلمين. وعندما أراد النهوض استعداداً للصلاة أمسك به أحد الجالسين، ثم ألحّ عليه بالأكل، فأخبره بقصة العائلة معه. ضحك بهستيرية : أتترك الأكل معنا نحن أخوتك لتأكل مع الكافرة ؟
تركه دون أن يدخل معه في نقاش لا جدوى منه . لحق به طالب آخر ، يستفسر منه ما حدث. أعاد القصة بتفاصيلها. ثم رجاه الطالب بلطف أن يكمل الأكل معهم. أكد له أنه لن يقابل إحسان هذه المرأة إلا بالإحسان .
عاد للعائلة ، وقد وجد الجميع في انتظاره. بدأ في الأكل وقد انتبهت ربة المنزل لجوعه، فملأت طبقه من الأكل مرة أخرى.
في الجلسة المسائية للعائلة التي تلي العشاء. صارحته ربة المنزل أنها متفاجئة لجوعه ، وأنها خمّنت أنه سيأكل في المركز الإسلامي ، وإذا شاركهم في العشاء، سيأكل خفيفاً مجاملة لهم .
لم يخبرها بما حدث له في المركز الإسلامي، لكنه فاجأها أكثر عندما أخبرها أنه سيفطر معهم أولاً ثم يذهب للصلاة بعد ذلك!
انتهت القصة ، ومثلها كثير تتجسّد في طلاب آخرين مع اختلاف التفاصيل. لكن المعنى الأساسي هو التمثُّل بالقيم العليا للإسلام، وأنّ الدين المعاملة. فما تقدمه ليس شخصيتك فقط وإنما الدين الذي تمثله.