سألني بفضوله المعتاد: قائمة الذين تتابعهم في صفحتك بـ(تويتر) مليئة بأسماء مختلطة لا يمكن أن تجتمع بعضها مع بعض في سياقها الفكري أو الشخصي؟
أجبته : وما المشكلة ؟
فرد بالقول : أردت أن أعرف مسار اتجاهك الفكري إلى أين يذهب؟
قلت له: إنني أتعلم من الآخرين، والفائدة الأجمل أن تبحث عنها في فكرة عظيمة قد تجدها حتى عند شخص لا تتوقّع أن تصدر منه كلمة جميلة واحدة!
استمر في طرح أسئلته فقال: وبماذا خرجت؟
قلت له: صدمت في كتّاب كنت أقرأ لهم فوجدت حواراتهم مع الذين يختلفون معهم في الرأي رديئة لا تعكس الفكر الذي يتبنونه!
ومن جهة أخرى، اكتشفت شخصيات أخرى هادئة ومتزنة وعقلانية في تفكيرها ونقاشاتها، تعلمت منها كيف يمكن أن تصبر على محاورك حتى لو كان تافهاً في سبيل أن تبقي الحوار في مستوى الفكرة. كنت أعجب من صبرهم وتحملهم للشتيمة، وكان بإمكانهم حظر الشخص غير المرغوب به أو تجاهل الرد عليه، لكنهم فضّلوا التماسك والتغلب على هوى النفس والرغبة في الانتقام، وهذه من شيم المفكر الحقيقي الذي يبحث عن المعرفة حتى ولو من شخص أقل بكثير منه معرفةً وفكراً.
لم يعجبه ما قلت، فأبدى انزعاجه بالقول: الذي أعرفه أنه لا بد أن تقاتل من أجل فكرتك.. وأن يعلو صوتك على حماقات من يخالفك الرأي؟
سكت لبرهة ثم قلت له: اختيارك وأنت حر بذلك.. لكن أخلاقك في النهاية هي مرآة للفكر الذي تتبناه وتؤمن به!
غادرني، ونسيت أن أقول له إن كمية التوتر في (تويتر) تكشف كيف أننا رسبنا - إلا قلة مستثناة - في اختبار قدرات التحمّل للحوار الملتزم بشروطه الأخلاقية!