كنت من الجيل الذي يتحلق حول التلفاز في انتظار مشاهدة البرامج التي تناسب طفولته. كانت القناة الأولى خياراً واحداً فقط لكنه على الأقل كان خياراً كافياً.
كانت الفترة بين العصر والمغرب مخصصة للأطفال في جدول برامج القناة الأولى.
برنامج رسوم متحركة مثل (غراندايزر) لا يزال البرنامج المفضل في خيال جيل بكامله. ليست الرسوم المتحركة هي المسيطرة على المشهد - كما هو الحال الآن - فقد عرضت برامج تعليمية وتثقيفية مثل (افتح يا سمسم) و(سلامتك).
ولكن الأبرز في وجهة النظر المتواضعة هو برنامج (ربوع بلادي). فكرة البرنامج بسيطة لكن دلالاتها عميقة في تعريف الطفل بخارطة بلاده.
الفكرة تتلخص في مذيع يصطحب مجموعة من الأطفال في سيارة عائلية والتجول في مدن المملكة.
كل حلقة من البرنامج مخصصة للتعريف بمدينة سعودية بطريقة تتناسب مع عقلية الطفل المستهدف بالمشاهدة.
برنامج منخفض التكلفة كان يغني عن مشاريع وطنية لاحقة مثل تدريس منهج التربية الوطنية في المدارس أو في إقامة جلسات الحوار الوطني.
برنامج (ربوع بلادي) لم يكن درسا في الوطنية. فالوطنية لا تدرس وحتى وان وضعت في المنهاج المدرسي!
الرسالة التي يحملها البرنامج أن من حق المواطن أن يعرف كل قرية في بلاده التي تشبه القارة.
هذه المعرفة لا تراهن على المحبة لأنها كانت موجودة بالأصل ولا خلاف حولها في ذلك الوقت.
الرهان كان في كشف الستار عن مدن نعرفها على الخارطة، لكننا لم نكن نعرفها بالعين المجردة، وهو ما استطاع البرنامج أن يوثقه في رحلاته المتعددة لمدن المملكة المختلفة.
أشاهد في كثير من الأوقات مع ابني إبراهيم قناة أجيال، فلا أجد لها رسالة إعلامية عن بلادنا.
خارطة البرنامج تستهلكها برامج الرسوم المتحركة.
كأن كل الحكاية تقتصر على ملء الفراغ فقط!
أشعر أن جيلي كان محظوظاً بوجود قامات إعلامية كانت تؤمن بأهمية إيصال الرسالة الإعلامية المناسبة في قناة واحدة، قبل أن يأتي الوقت الذي يتندر فيه ابن البلد بقنواته بأنها غصب واحد وغصب اثنين!