Friday 24/01/2014 Issue 15093 الجمعة 23 ربيع الأول 1435 العدد
24-01-2014

جديد الرقية

نحن - معشر أهل السنَّة - نؤمن بتأثير الرقية الشرعية إذا كانت على الوجه المشروع الوارد في السنّة المطهرة، بأن تكون بالقرآن الكريم، أو بالأدعية النبوية، وغيرها من الأدعية الموافقة للشرع، لصحة ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما نؤمن أن العين حق لها تأثير - بإذن الله تعالى وقدره - كما نؤمن أن الأصل في الرقية أن يرقي الإنسان نفسه، لأنه أكثر حاجة، واضطراراً، وشعوراً بألمه، فيكون أكثر إخلاصاً، وتضرعاً إلى الله تعالى، وأكثر تعرضاً إلى إجابة دعائه ولجوئه إلى الله.

إلا أن هذا الأمر المشروع في أصله قد خالَطه أمورٌ مبتدعة لا نجد لها مستنداً من الشرع:

أولاً: مبالغة كثير من الناس في تأثير العين إلى درجة الوسواس، بحيث يربطون كل أمر يصيبهم بالعين، كبيراً كان أو صغيراً.

ثانياً: تعلُّق قلوب كثير من الأشخاص - نتيجة لما تقدم - وتهافتهم على ما يرقيهم، ويقرأ عليهم.

وهذا الغلو في تقدير أثر العين، والتهافت الغريب من الناس على الرقية، أفضى إلى أمور وتجاوزات، منها:

إن بعض الرقاة - نظراً لكثرة الأعداد التي تزوره - أصبحوا يرقون بالجملة، فتجد الراقي يجمع العشرة والعشرين شخصاً، ويرقيهم دفعة واحدة.

) وإن بعضهم يرقي على صناديق من قوارير المياه، ثم يبيعها على أنها مباركة.

) وإن بعضهم يرقي خزاناً من المياه، ثم يبدأ الناس يملؤون القوارير من ذلك الماء المقروء عليه.

) وإن بعضهم أصبحوا يرقون على الهاتف، والتلفاز.

ثم تجاوزت الأفكار ذلك، إلى ابتكار أساليب جديدة، واختراع أجهزة ترقي إلكترونياً، مع ما صاحبَ تلك الأجهزة من دعاية غريبة، تجعل المرء يتساءل: هل خضعت تلكم الدعاية للرقابة، للمحافظة على المستهلك؟

ففي الدعاية لبعض الأجهزة الراقية، نجد أن من خصائص هذا الجهاز الخارق، أربع عشرة خاصية، منها:

* زيادة القدرة على التركيز والإبداع.

* تحسين المستوى الدراسي.

* علاج المشاكل الزوجية.

* طرد الشياطين من المكان الموجود فيه الجهاز.

إلى غير ذلك من الخصائص التي لا يشك عاقل في أنها نصب واحتيال لتسويق هذا الجهاز، وإلا فكيف عرف مخترعوه أن الشياطين لا توجد في المكان الموجود فيه الجهاز؟؟! لأن هذا الأمر من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله، إلا أن يقول لنا مخترعوه: إنهم يعلمون الغيب؟!

فيا أيها الناس، أين عقولنا؟.. وأين تمسُّكنا بعقيدتنا الصحيحة التي تنبذ الخرافات والشعوذة؟؟.. وأين الجهات المسؤولة عن حماية الأمن الفكري، والاجتماعي، والاقتصادي؟!

alomari1420@yahoo.com

مقالات أخرى للكاتب