عدد من الباحثين ومعظمهم من محرري المجلات العلمية الطبية على وجه الخصوص اجتمعوا في مدينة فانكوفر في مقاطعة برتش كولومبيا في كندا عام 1978م ليتناقش في قواعد النشر العلمي في دورياتهم،
وتمخض الاجتماع عن وضع قواعد النشر في المجلات العلمية، تعدلت وتطورت إلى النسخة المعدلة الحالية التي صدرت عام 1997م. ومن المهم أن نتعرف في سياق الجدل الوطني عن السرقات العلمية وخاصة ما يفرزه هاشتاق سرقوني من جدل ونقاشات عن السرقات العلمية وخاصة في الجامعات عن بعض ملامح ما يمكن أن نسميه اتفاقية دولية في هذا الخصوص، حيث ترضخ أكثر من خمسمائة دورية علمية في العالم وخاصة في الولايات المتحدة وكندا لمثل هذه المعايير الأخلاقية.
من الملاحظات التي تم تداولها عن بعض السرقات العلمية إعادة نشر البحث في أكثر من دورية وعادة تكون خلسة دون أن تعرف الدورية الأولى، أو يتم ترجمة البحث إلى لغة أخرى، وفيما يلي شروط إعادة النشر كما يحتويها برتوكول فانكوفر، حيث تضع هذه القواعد عدة اعتبارات لإمكانية إعادة النشر في دورية أخرى غير الدورية التي سبق النشر فيها، ولكن بشروط من أهمها:
1 - موافقة رئيس تحرير الدورية الأولى والدورية الجديدة على إعادة النشر.
2 - الكتابة بوضوح لا لبس فيه الهامش الأول للصفحة الأولى من البحث المنشور في الدورية الثانية أن هذا البحث سبق نشره بكليته أو بجزئيات منه في دورية سابقة ويكتب اسم الدورية وتاريخ النشر.
3 - يجب تزويد الدورية الثانية من نسخة كاملة ورقية أو إلكترونية من البحث المنشور.
4 - يجب أن يكون جمهور القراء في الدورية الثانية مختلفا عن جمهور القراء في الدورية الأولى مثل أن تكون بلغة أخرى على سبيل المثال.
كما أن هناك جدلا كبيرا في سياق النقاشات عن السرقات العلمية ليس فقط في المملكة ولكن في مصر والكويت ولبنان والمغرب العربي وغيرها من الدول حول من له أحقية وضع اسمه في قائمة المؤلفين الباحثين، وفيما يلي توضيح حسب بروتكول فانكوفر وليس بروتكولات العرب كما نخشى أن تأخذ مثل هذه التسمية التي تعكس نمطا لا أخلاقيا في المهنة البحثية. فيجب أن يكون كل اسم لباحث في مجموعة الباحثين قد كان له عمل حقيقي ومشاركة فاعلة في البحث الذي وضع اسمه عليه، وتحديدا هناك ثلاثة شروط أساسية لإدراج أي باحث ضمن المشاركين في البحث:
1 - كل من ساهم فعليا في تصميم مفهوم ومنهج أو أداة الدراسة أو ساهم في التحليل أو تفسير النتائج.
2 - كل من ساهم في كتابة البحث أو تعديله بإضافات نوعية.
3 - كل من ساعم في تجهيز البحث في صيغته النهائية للنشر.
ويستبعد من إضافة اسمه للباحثين من شارك في دعم أو تمويل البحث، وهنا يجب أن تسقط أسماء مدير مركز بحثي أو رئيس قسم لمجرد أنه قام بتمويل البحث أو قدم تسهيلات للباحثين، كما يسقط من أسماء الباحثين من جمع المعلومات البحثية، بمعنى من ساهم في جمع معلومات البحث كأدبيات البحث أو ما شاكلها، فلا يجب وضع أسمائهم كما أن من مول البحث أو ساعد فيه لا يضع اسمه ضمن الباحثين وكذلك لا توضع أسماء مدراء مراكز البحث لمجرد أن البحث تم في المركز أو رئيس قسم لمجرد أنه قدم تسهيلات لوجستية للباحثين. ولا يدخل ضمن أسماء الباحثين المشرفين على البحث لأن جهوده تبقى إشرافية ولا تصب في أي دور من الأدوار الثلاث المحددة سابقا. ويمكن بل يجب الإشارة في إحدى هوامش البحث إلى أسماء المساهمين بجهد معين أو تقديم تسهيلات كذكر المركز البحثي أو الكرسي الذي أشرف على البحث دون أن توضع مثل هذه الأسماء ضمن أسماء الباحثين.
ولاشك أن بعض الباحثين العرب من بعض الدول كانوا قد أسهموا في اتساخ البيئة البحثية العربية وأحيانا البيئة السعودية البحثية من خلال ابتداع أساليب لا أخلاقية كبيع رسائل طلابهم ونشرها بأسمائهم أو إهدائها إلى آخرين بهدف الإغراءات المادية مقابل من يطلبها بهدف الترقيات العلمية وخلافه. كما أن إعادة نشر أبحاث بدون أخذ موافقة جهات النشر السابقة والجديدة، أو إضافة أسماء جديدة عليها من أشخاص جدد ليس لهم علاقة بالبحوث الأصلية كمجاملات إدارية أو نظير دعم مادي هي انتهاكات واضحة لأخلاقيات البحث العلمي.
وأخيراً، في زخم هذا الجدل الكبير والمتنامي يجب أن نوضح أمراً حيوياً ومهماً في هذا الخصوص أن جامعاتنا السعودية لا تزال بخير، فهناك بل الأغلبية من أساتذتها السعوديين والمتعاقدين يعملون في صمت ولكن بحد واقتدار وهم مستمرون في أداء واجباتهم البحثية وفق أخلاقيات مهنية. ولن تستطيع بعض الجدليات التي تعمم على جامعاتنا أن تنال من الباحثين الشرفاء داخل جامعاتنا، فقلة قليلة بل نادرة لا يمكن أن تكون هي الصورة التي تطبع المشهد البحثي في جامعاتنا..