عبدالله بن عبدالعزيز صاحب الكلمات البليغة والعبارات المؤثّرة، يظل هو واجهة المملكة وعطرها الفوّاح وقلبها النابض، وهو الشخصية التي تعبر عن قوة الإيمان وإخلاص النوايا وعشق الوطن.. ما يخرج من القلب يصل إلى القلب، وما يصدر من إيمان وعزيمة نجده أثراً مؤثراً في مشاعرنا ووجداننا ما حيينا..
عبدالله بن عبدالعزيز صادق في نواياه، شهم في عباراته، عظيم في أمنياته.. لقد تلقينا كلماته - يحفظه الله- وهو يخاطب وزرائه في مجلس الوزراء ويخاطب معهم كل من يقف على كرسي المسئولية في كافة أجهزة الدولة ونحن مخطوفون بهذه الكلمات المركزة ولكنها في قمة التأثير على جميع أبناء وبنات شعب المملكة العربية السعودية..
عبدالله بن عبدالعزيز يحمّل الوزراء أمانة المسئولية أمام الله سبحانه وتعالى، ويطلب منهم أن يضعوا الله أمامهم دائماً وأبداً، فهم مستأمنون على المواطنين، والوطن أمانة في أعناقهم، وهذه أمانة من أكبر الأمانات التي يمكن أن يحملها إنسان. فما أعلنه الملك عبدالله يفوق بمعانيه وقيمه آلاف الكلمات وصفحات العبارات وساعات الكلام والخطابات. عبدالله بن عبدالعزيز مخاطباً وزراءه “أطلب من إخواني الوزراء أنكم تؤدون واجبكم بإخلاص وأمانة وتضعون بين عيونكم ربكم، ربكم، ربكم، الذي ما بينكم وبينه أي حجاب”. هذه الكلمات تعني الكثير للوزراء وللمواطنين في كل مكان، فالميزانية الضخمة التي أعلنها الملك لشعب المملكة هي ميزانية ضخمة يجب أن تسير وفق المخطط لها وبدون أدنى تأخير في تنفيذ مشروعاتها، وأن تصرف بأمانة وإخلاص.
عوّدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن يكون مباشراً وصريحاً وشفافاً في حديثه لجهازه التنفيذي في الدولة وللمواطنين، فهو صاحب مواقف لا تنسى وعبارات حفرناها في قلوبنا، وهو صاحب مقولة “من نحن بدون المواطن السعودي” مخاطباً فيها وزراءه في إحدى جلسات مجلس الوزراء، مستحدثاً برنامج عمل للوزراء في أن يكون كل واحد منهم في خدمة المواطنين، فهم القاعدة التي يستند إليها الوطن، وهم الامتداد الذي يستمر به التاريخ، وهم قوة المكان وسلطة الدولة. ويعود الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليكرر يوم الاثنين الماضي عند إعلان ميزانية العام القادم أن المواطن هو أمانة في أعناق الوزراء، ويجب أن يستقبلوه صغيراً كان أو كبيراً وفق أمانة المسئولية وشرف الخدمة. وأضاف - يحفظه الله- في تأكيد مستمر على أن السفارات السعودية في الخارج يجب أن ترعى المواطن وتسانده وتقدّم له كل الخدمات الممكنة، وهو بذلك يحمّل السفراء أمانة رعاية مصالح المواطنين في الخارج.
كلمات الملك عبدالله بن عبدالعزيز هي كلمات للتاريخ، كلمات تسطّرها نفس أبية ويكتبها قلب مخلص وينطقها جسد أنهكته الهموم، هموم الوطن، وهموم الأمة، وهموم الكون. إننا تعودنا أن تكون كلماته دائماً نموذجاً نقتدي به، ومدرسة نتتلمذ عليها، وفكراً نستنير به. لا توجد عشوائية في الكلام، ولا إنشائية في الخطابات، ولا تنميق في العبارات، وإنما هي كلمات يعبّر عنها قلب يحمل هموم الأمة، ونبض كلماته يدق في كل قلب إنساني حي.
السياسيون في العالم تجدهم يوكلون خطاباتهم لشركات علاقات عامة أو إدارات إعلام متخصصة أو خبراء إعلام متمرسين، ولكنها لا تجد الأثر الذي تتركه كلمات عبدالله بن عبدالعزيز على مواطنيه ومستمعيه ومشاهديه وقارئيه. كلمات تختنق بها الأنفس، وعبارات تدمع عليها العيون، ومعان تقفز من الحروف لتستنطق الأشخاص والمواقف والشهادات. باتت مدرسة عبدالله بن عبدالعزيز معروفة في إيجازها، وقوية في تأثيرها، وعظيمة في معانيها. كلماته تستمد قوتها من إيمانه العميق بمسئولية الأمانة التي فرضها الله على كل من أوكل له شأن من شئون المسلمين، وقوتها نابعة من إخلاصه وحبه لوطنه الذي هو تاريخنا وجغرافيتنا وثقافتنا ومستقبلنا، وقوتها في مصداقية النوايا، ونزاهة العمل، وإخـلاص التوجهات.
لقد عادلت كلمات الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة كل ما قيل وأعلن بعدها من ميزانيات وأرقام، بل فاقتها في الأثر، وتجاوزتها في التعبير، وكنا في مشهد الأرقام أمام مشهد الكلمات ولكن الكلمات فاقت كل الميزانيات. حفظك الله سيدي عبدالله بن عبدالعزيز.