مجرّد أن يجتاز المسافر حدود الوطن عن طريق البر، إلى بلد مجاور، خصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، حتى يلاحظ اختلاف مكوّنات محطات الوقود، وتنسيقها، ونظافتها، سواء على مستوى دورات المياه، أو توفر الخدمات كافة، من أجل راحة المسافر، على خلاف محطات الوقود المحلية، التي تتباين بشكل كبير في مستوياتها، وإنْ كانت معظمها تشترك في سوء الخدمات والإهمال والقذارة في دورات المياه وغرف التأجير، بل حتى في توزيعها على مساحة الأرض المخصصة لها، فلكل محطة ظروفها وطريقة تنظيمها.
ورغم أن هذا الموضوع كتب عنه عشرات الكتّاب، ودوّنت مئات المقالات، ونشرت عنه التقارير الصحفية تباعاً، إلاّ أنه لم يوجد على أرض الواقع ما يفيد بالعمل الجاد على تغيير هذه الصورة المقيتة!
لا أريد أن أستعيد شكل محطات الوقود والاستراحات الرائعة في بلدان متقدمة، كبريطانيا وفرنسا وبعض دول شرق آسيا مثلاً، حتى لا يتهمني القارئ بالمقارنة الظالمة، لكنني أفكر، مجرّد تفكير، أن تسند مهمة تنظيم المحطات ومراقبتها لجهة محددة، تقوم بإعادة تنظيمها كما يجب، فلا يعقل أن يكون الحمام في هذه المحطات أشبه بزريبة نتنة، يفضل المسافرون قضاء حوائجهم في الخلاء، وكأننا في دولة بدائية، مع أنّ الأمر لا يستحق كل هذا الانتظار والتفكير، لأنّ إسناد أمر هذه المحطات لشركة وطنية تتولّى كل أمورها، من تصنيفها وتصميمها قبل الإنشاء، وحتى تشغيلها فيما بعد!
ففي الرياض مثلاً، ظهرت طرق جيدة في تنظيم المحال وتنويعها، خاصة المحال التي تقوم بتأجيرها أسواق السوبرماركت، والهايبرماركت.
مثل بندة والتميمي والدانوب وغيرها، والتي تخصص جزءاً من مسطحات أراضيها لمحال تؤجرها، ومواقف للسيارات، فيجد المستفيد كافة الخدمات في مكان واحد، من مقاهٍ ومطاعم وخدمات وغيرها، فما الذي يمنع نقل هذه الفكرة للأراضي المخصصة لإنشاء محطات وقود على الطرق، ولا أعتقد أنّ الفكرة غير مجدية اقتصادياً لهذه المحال الشهيرة.
نظراً لكثافة مستخدمي الطرق السريعة، في ظل عدم وجود بدائل للسفر بين مدننا، ومع صعوبة العثور على حجوزات طيران، بالإضافة لعدم توفر شبكة نقل قطارات بين المدن!
قبل عامين، أو أقل سمعنا عن إنشاء شركة (ستارت) لخدمات الطرق، وقرأنا عن أهدافها الاستراتيجية، ورغم ملاحظة أي مواطن على هذه الأهداف التي تركز فقط على الزوار والحجاج وضيوف الرحمن، رغم تقديرنا وغبطتنا بخدمتهم، إلاّ أنه يفترض أن يرد ذكر للمواطن، فقط مجرداً وبصفته مواطناً، ومسافراً في الداخل، بين مدينة وأخرى، أليس له الحق في التمتع بخدمات تليق بمواطنته؟. وبعيداً عن رؤية الشركة وخططها وأهدافها الاستراتيجية، فلا يهم المواطن إلاّ الفعل والنتائج، يريد أن يرى هذه الخدمات على الطرق، على أرض الواقع، وبأسرع وقت ممكن، على الأقل تؤخذ طريق تلو طريق، فمثلاً طريق حيوي بين عاصمة دولة إقليمية، ومنطقة تضم ثروة البلاد النفطية، بل مصدر الطاقة في العالم، لا نجد فيه خدمات تليق بإمكانات المملكة وقدراتها على المستويين المادي والبشري، ولو بخطوات مبدئية تشعرنا بأنّ شركة خدمات الطريق بدأت فعلاً بوضع حجر أساس مثلاً، بل حتى لو لوحات تجعلنا ننتظر، خاصة أنّ الشيء الوحيد الذي استطعنا إتقانه خلال سنوات طويلة هو الانتظار!
فلننتظر إذن.