كنت وأحد الأصدقاء نتابع برنامجا حواريا في إحدى القنوات العربية، وكان من ضمن فقرات البرنامج فرصة للمداخلات وكنا نرى شيئا من الخوف والقلق لدى المذيعة عندما يكون الاتصال من مشاهد سعودي، (بدون تعميم) هذا الشعور ينتاب صديقي أيضاً الذي كلما سمع اسم احد أبناء الوطن يطلب المداخلة، قال بصوت ممزوج بذات الخوف (الله يستر) لمعرفتنا أن هناك من المتصلين من أبنائنا على الرغم من قلة عددهم ينقصهم أدب الحوار أو يفتقرون للتعامل الراقي في كيفية طرح السؤال، فإما أن يكونوا مهاجمين بعبارات كالرصاص ضد فكرة البرنامج أو للشخص المستضاف، معترضين على رأيه من أجل الاعتراض فقط دون إبداء مبررات، مع ما يمكن أن يمرر من كلمات لا تليق بأن تقال في مثل هذه البرامج إما بالإساءة للدين أو الوطن أو العادات والتقاليد، متناسين انهم يمثلون مجتمعا وأسرا تخجل أن يبدر من أبنائها مثل هذا التصرف.
هذا الأسلوب اصبح له حضور في مجالنا التشكيلي وأصبحنا بعد العديد من مشاركات لتشكيليين سعوديين تدفعنا لترديد ما قاله صديقي ( الله يستر)، لعدم تمثيلها المستوى الحقيقي للفن السعودي وتجاوزها إلى ما هو أسوأ بأعمال تحمل مالا يقبله المجتمع المحلي ولا يمثل حقيقة الواقع، وأحيانا يصل الأمر إلى انتقاد ثوابت دينية أو تقاليد وعادات.
هذا الإحساس توارد في ذهني عند حضوري افتتاح مهرجان الفنون الإسلامية السادس عشر بالشارقة، وعلمي بأن هناك مشاركة لفنانتين سعوديتين تتوافق أعمالهما مع فكرة المعرض والساعية لإيجاد فن معاصر يتكئ على مرجعية إسلامية، فقد أصبحت كلمة معاصر أو حداثة عند بعض التشكيليين تمثل الحرية المطلقة، جعلوا منها سبيلا لتمرير ما أشرنا إليه في سياق الموضوع (الإساءة أو التجريح).
لكن الأمر لم يكن كما توقعت فقد كانت الأعمال بما تحمله من حداثة في التنفيذ والفكرة ومعاصرة من الفنانتين اثلج الصدر ورفع الرأس، مع ما توجت به الفنانة مها الملوحة إبداع الوطن بأن تكون أول سعودية يقتنى لها عمل في متحف عالمي الشهرة هو متحف (التيت ) في بريطانيا، ولكم أن تقرؤوا ما جاء في بيانها المنشور في الصفحة بيان واضح المعالم قالته لكل من أراد تفسير توجهها المعاصر مع أي وسيلة إعلامية محلية أو عالمية لا تبدل في طرحه ولا تسعى للتمويه أو المغالطة.
هذا هو الإبداع الذي يحمل حقيقة المبدعين في بلادنا الحبيبة ويجد التقدير من الآخرين محليا وعالميا، دون ضجيج إعلامي مصطنع ومدفوع مسبقا، قصد منه تسويق أعمال صادمة لعقل ووجدان الوطن ومن فيه.