يبدأ التوازن عند نقطة الارتكاز التي تعطي كل ثقل بعده المناسب.. حتى لا ينزلق الحال صوب المتراكم بثقله والذي لا يعني بالضرورة أن يكون الحق معه.. ولن نصل إلى المرحلة التي يعرف فيها المواطن العادي والبسيط حقوقه وواجباته قبل أن يفهم الأنظمة كيف تعمل.. من أين تبدأ حدودها وأين تنتهي.. وموقعه في دهاليزها المتشابكة والمترامية.. دون أن تكون المعلومة الدقيقة سلعة نادرة.. ناهيك أن القضايا التي بدأ النزاع فيها من منطقة الجهل سيقل عددها ولن يكون للجاهل فيها موطئ عذر. لذا استوقفني مقال للمحامي السعودي عبد الله بن ناصر المحارب المنشور في صحيفة الحياة يوم السبت 11 يناير عام 2014م تحت عنوان «مشروع وطني لحصر أنظمة الدولة ولوائحها التنفيذية» عندما طرح فكرته وتحدث عن صعوبة الوصول إلى التعديلات التي طرأت على اللوائح والأنظمة بما يناسب المستجدات حيثُ قال: « ولعل أهم العقبات التي تواجه تعديل التشريع أو التطبيق هي صعوبة الوصول إليه ممن يحتاج إليه، وحديثنا هنا عن السلطة التنفيذية ممثلة في الوزارات والأجهزة الحكومية، فهي المناط بها تطبيق التشريع وهي التي تقترح تعديلها بناء على ما يستجد من ظروف ونوازل ليتواكب مع الزمن، فبممارستنا لمهنة المحاماة اتضح أن هناك بعض الوزارات سنت لوائح تنفيذية وشملت نصوصاً تخالف بها ما صدر من مجلس الوزراء من نظام، ونجد أنه بتغير وزير في وزارة معينة فإنه يقوم بتعديل بعض اللوائح بموجب قرار وزاري يلغي به قراراً وزارياً سابقاً أو لائحة تنفيذية من دون الإشارة أحياناً في ذلك القرار الوزاري إلى إلغاء اللائحة التنفيذية أو القرار الوزاري السابق، ما يوقع الحرج الكبير في التنفيذ لمن يريد متابعة تلك اللوائح التنفيذية أو القرارات الوزارية من الباحثين أو الدارسين أو حتى المتعاملين مع تلك الأجهزة الحكومية، كما أن عدم إلزام الإدارات الحكومية بعرض ما يصدر عنها من لوائح تنفيذية أو قرارات وزارية على جهة ذات اختصاص تابعة لمجلس الوزراء لتتماشى مع ما قصده المشرع عند سن النظام ولا تخرج عنه، ولكثرة الأنظمة الصادرة من مجلس الوزراء عمدت هيئة الخبراء بمجلس الوزراء لإصدار موسوعة الأنظمة السعودية الإصدار الأول عام 1423هـ، شمل حصراً وتوثيقاً وتبويباً للأنظمة، وتبع ذلك الإصدار الثاني عام 1430هـ. ، الإصداران على رغم الجهد الجلي فيهما واشتمالهما على صورة ضوئية من النص الأصلي للنظام وما طرأ عليه منعديل، فإنهما لا يفيان بما يحتاج إليه القاضي والباحث والمحامي، لاقتصارهما على النظام الصادر من مجلس الوزراء من دون اللوائح التنفيذية المنظمة والشارحة للنظام». لا شك أنه مشروع ضخم يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار إلى حيز التنفيذ.. واختم بجزء هام من المقال لا عذر بعده لمن تجاهله «والدولة حفظها الله وهي التي سنت منهجاً في نشر الأنظمة واللوائح بل ونشر الأحكام القضائية عملاً بمبدأ الشفافية يتعين عليها تبني مشروع وطني لحصر أنظمة الدولة ولوائحها التنفيذية ونشرها ولعمل موسوعة شاملة لها، وألا تترك ذلك الأمر المهم لاجتهاد الأفراد والمؤسسات الخاصة، ويتماشى ذلك المشروع الوطني مع مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء والمشروع المقترح - إن كتب له الظهور - سيصطدم أيضاً من دون أدنى شك بمعضلة عدم وجود قاعدة بيانات لدى الإدارات والأجهزة الحكومية تشمل ما صدر منها من أنظمة ولوائح وقرارات وزارية، لأن نجاح ذلك المشروع مقترن بمدى تعاون تلك الجهات مع المشروع الوطني».