لا سلطان بيدي، ولا عصا أهش بها قطيع الحزن الذي غزاني، أنا مازلت مندهشاً بعجب، أكاد أحس بأن هناك كلام غواية، أو أخمن بأن هناك فخا منصوبا عند موضع وشاية عتيقة، آخر حكايات المدينة، ثيمة مدموغة في جسد أعجف، تبين بعد أن انقشعت ستارة المرآة،
وانفتح النص، ونزلت الأصوات، وانزرعت فوق ضروع الأرض بور وسبخات، حاولت حرثها بمحراث عظيم، قلت سأبذرها ببذور ثمينة، وأنتظر خراج الغيمة، وريثما يكبر الحقل والبيدر، سأقتنص إغفاءة ممكنة تحت سدرة، حلمت عندها بأن كلام (ابن فيروز) عن (فيروز)، نص غير مدهش، ولحن مزعج نشاز، وقصيدة ناقصة مبتورة، كلامه لا ينمو ولا يتراكب وسرده غير واقعي، يشبه خرافة المتن والهامش، سلك طريقا غير سهل ولا ممتع ولا آمن وبه مهاوٍ، وأشجاره المحاذية قطوفها غير دانية، كلامه المفاجئ وغير الطري، غير متناغم مع تاريخ (فيروز) الأسطورة، فخذها مني بقوة: أن تحب (فيروز) (نصرالله) معناه أن تتسلخ بردة الهيبة من خديعة الجسد، لا تتفلسف يا ابن (فيروز) حاول أن تستبدل كلامك بكلام آخر، أقل قسوة ومخاتلة ومواربة وغبشاً، رصع كلامك بمفردة الاعتذار، سيكون ذلك أرحم لك وأحلى، وحتى لا تشعر محبي (فيروز) بالمهانة والإذلال، أثّث مفتتحات كلامك ونهاياته، بالبساطة كن بريئاً كبائع الكعك والزيت والزعتر، فإن وجدت أنّ هذا التشكيل المبسّط لا يفضي إلى حدث حتى وإن كان باهتاً، زحزحه قليلاً ومر عليه مرور العميان، وفكّر في أمر ثان، وتدبّر ما تيسّر في عبّك، من أوشال لغة تخترع العصيان، يا ابن (فيروز) كيف لامرأة مثل (فيروز) تحب الحياة وباذخة بها وغناؤها وسيم، وفي روحها طفل، وفي حضنها بياض، تغطس في حب من يحب الهلاك والدمار ويستبيح كل جميل ويغتال البهاء؟ أتحب رجلا مقمّطا بسواد باذخ، يغطّس إبهامه في حلق الحياة ليسده؟ يا ابن (فيروز) كأن كلامك تأويل رخيص لشيء ما؟ دعك من هذا الهراء المدمع، لا يغويك الغش والحكاؤون، ولحظتها يفر منك صحبك وخلّانك وجلّاسك وندمانك في طرقات المدينة، سيضحكون عليك، وربما سيسحلونك من أذيال لحيتك، ويشدّونك بحبل غليظ، ويجلسونك فوق دكّة فائضة على باب عتيق، ثم ينادون بالرعاع، لكي يرجموك بقاسي الحجر، ولا تبرح الجبل والسفح، حتى أواخر قطرات الحياة، يا ابن (فيروز) لا تخن فيروز، ولا تفسد علينا ودها، أو تحرضنا عليها، ولا تقول ما لا نعتقده، لا تتمادى في إهانتنا، فقل كلاماً واقعياً هيناً ليناً !! واهجر الشيطان، اقتلع الشوكة، وازرع مكانها وردة، أمك جميلة ولا هي قبيحة، يملج وجهها بمسحوق البهاء، عندما تسيح فوقه أسنة الشمس، قل إنك كنت في غير وعيك، أو كنت في ماخور عتيق، اركل كلامك المتصحّر المتصخر فوراً، وافتح خزانة الحقيقة، استعن بتاريخ أمك (فروز) تمهل يا شحيح الخبرة، إني أراك كمن مسّه الجنّ، وتاه منه الرشد، وزاغت عنه الحكمة، فنسي الرقابة والرقيب، الذي إن لم يجد من يخمشه، خمش نفسه، وحنّى ظهره بسياط الكلام، ورمى على نفسه الثلاث المثلّثات، لقد خنت أمك في كومة كلام، وأوهمتها بأن الأمر لا يعدو كونه حكاية، أو مقترح أغنية!! يا ابن (فيروز) واصل تأثيث الكلام، أقترح عليك أن تشتغل على ما يسمى بـ « الكولاج» أو الترقيع، وبمقدورك العودة ثانية، إلى أول الكلام، فتملأ ثقوبه، وتربط خيوطه، وما دمت ابنا لهذه المرأة العامرة ، فيجوز لك أن تعتذر، ويجوز لنا القبول!! انزل قليلاً من عاج الكلام، واهبط شطر المتاح، ارسم مفردة جميلة، ولا تذهب صوب الخديعة السوداء، اهرب من صنف الدسيسة، ورمم ثقوب الحكاية، بعيداً عن التفخيم والتضخيم والتأويل، في الشأن المتصل بإطلاق الكلام وخلع الألقاب والخصال، أرأيت بيروت يا ابن (فيروز) وناسها كيف يمزجون قهوة الصباح بهديل (فيروز) المذهل؟ لا تجعل صور أمك في الأذهان أكثر تعقيداً وعتمة بعد هذا التاريخ الطويل الحافل، بسبب تشظيك الصوري، والإنثيال البطر، امسح من ذاكرتك مقاطع الخرافة وتقنية التغبيش والتضبيب، يا ابن (فيروز) فيروز - امرأة عالمية أنتجتك حتى أخذت تصيح، لذا هيئ نفسك للاعتذار، واضغط على نفسك بشجاعة، وأطلق لغة الكلام الجميل، وقل كلاماَ محكماً مسبوكاً، وذيله بحب أمك، وتاريخها الأنيق.