انتهت المهلة التي يحددها رئيس اتحاد الشغل للأحزاب السياسية، للتنازل عن مواقفها المتزمتة واستئناف الحوار الوطني، وعاد الحسين العباسي ليمنح الأطراف المتنازعة مهلة أخرى ويردد تهديده الممجوج بكشف الطرف المعطل للحوار في حال فشلت مساعيه للم شمل الفرقاء السياسيين إلى طاولة الحوار مرة أخرى.
آخر تصريحات الحسين العباسي رئيس اتحاد الشغل قال فيها أمس الثلاثاء بأنه سيتم اليوم الأربعاء الإعلان عن موعد استئناف الحوار الوطني «أن كتب له أن يتقدم» مضيفا أن فشل الحوار يعني وضع سيطرة «المافيا» في تونس ورحيل كل الشركات الأجنبية مشددا أن البلاد ستكون وقتها مفتوحة أمام كل المخاطر وسيكون العمال أول وأكثرهم إلى جانب العاطلين عن العمل وكل شرائح الشعب التونسي.
ولم يخف العباسي الذي يقود الرباعي الراعي للحوار خشيته من السيناريوهات التي تتهدد تونس في حال تمسكت الأحزاب المشاركة في الحوار بمواقفها المتصلبة والتي زادت الوضع تعقيدا موجها رسالة إلى الأحزاب التي تحاول عرقلة الحوار وإفشاله بأنها ستكون أكثر الأطراف الخاسرة.
وترجح مصادر مسؤولة صلب الأحزاب أن يكتفي اليوم العباسي، بالإقرار بفشل الحوار رسميا بالرغم من تأكيدات قيادات حزبية يمينا ويسارا على قرب حصول التوافق بشأن رئيس الحكومة الجديد، في وقت لا تزال متمسكة فيه بمرشحيها بل وترفض حتى مجرد الخوض في النقاش حول مرشح الشق الآخر.
وتشير بعض الدلائل إلى إمكانية قبول الفرقاء السياسيين بتفويض الرباعي الراعي للحوار لاختيار مرشح من بين عديد الأسماء التي لا تزال الأحزاب تطرحها أو خارج هذه القائمات وفرضه على كل الأحزاب، مما قد يضاعف حظوظ نجاح الحوار في إعادة جمع طرفي النزاع إلى مائدة الحوار مجددا وبالتالي إخراج البلاد من عنق الزجاجة.
إلا أن هذا المقترح، لا يبدو أنه قابل للتنفيذ على ضوء ما تعبر عنه القيادات النهضوية من رفض تام له وهو أمر يقرؤ له ألف حساب باعتبار وزن الحركة في المشهد السياسي وقيادتها للإتلاف الحاكم، إضافة إلى أن المقترح قد يفتح بابا لمزيد التناحر بين الأحزاب بين رافض له ومتمسك بتطبيقه.
ويبدو وفق تصريحات بعض المحللين السياسيين، فإن حركة النهضة الحاكمة بإمكانها لي ذراع كافة الأحزاب المعارضة لها عبر استعمالها حق رئيس الجمهورية في ترشيح من يراه مناسبا لخلافة علي العريض على رأس الحكومة الجديدة وذلك استنادا إلى القانون المنظم للسلط المحلية أو مايسمى «الدستور الصغير» ولن تكون الشخصية المقترحة سوى السيد أحمد المستيري مرشح النهضة التي تقود الترويكا.
ومما لا شك فيه أن مفاجآت الربع ساعة الأخير التي دأبت حركة النهضة على أحداثها منذ توليها السلطة اثر فوزها في انتخابات 23 أكتوبر 2011، لا يمكن التعويل عليها كثيرا لعدة اعتبارات أهمها أن تعطل الحوار يعني بقاء حكومة الترويكا في الحكم، وأنها لن تكون الخاسر الأكبر في حال خابت مساعي الرباعي الراعي للحوار، بل إن المعارضة هي التي ستصاب في مقتل بتفويتها فرصة تاريخية للصعود إلى دفة السلطة دون المرور عبر صناديق اقتراع، خاصة وأن التاريخ أثبت عدم قدرتها على الفوز في الإنتخابات.
وفي سياق متصل، تشهد أروقة المجلس التأسيسي توترا غير خفي، بسبب تواصل انسحاب نواب المعارضة من الجلسات العامة وحضورهم جلسات لجنة التوافقات بخصوص الدستور الجديد للبلاد التونسية ، حيث تلاقي مقترحاتهم بتنقيح الفصول المقترحة معارضة شديدة من نواب الترويكا الحاكمة.
وتدور النقاشات في جو من التناحر والتلاسن الذي أضحى يميز جلسات اللجان النيابية بعد أن تحول الخلاف حول بنود خارطة طريق الحوار الوطني، إلى موضوع جديد للإختلاف بين نواب الكتل المتنازعة.
ومن المفارقات الغريبة، أن بعض القيادات الحزبية، ومن منطلق تجاهلها لأزمة التوافق بشأن رئيس الحكومة الجديدة، أضحت تتحدث عن صعوبة تشكيل حكومة الكفاءات المستقلة، والذي من المتوقع أن يستغرق ردحا هاما من الزمن مما سيعطل تفعيل استقالة الترويكا من جهة، ويعطل المسارين الحكومي والتأسيسي لأشهر أخرى، على خلفية أن كل قرار يتخذه الرباعي الراعي للحوار سيجد معارضين ومؤيدين له على حد سواء...وسيتمسك كل طرف بموقفه مرة أخرى...لمدة تزيد في عمر الأزمة الخانقة التي تشهدها البلاد منذ يوم 25 يوليو الماضي.
أمنيا، قتل نقيب في الجيش وجرح ضابط آخر في انفجار لغم أرضي بجبال الشعانبي بمحافظة القصرين الجنوبية وتحديدا داخل المنطقة العسكرية المغلقة، بما يقيم الدليل على أن الجماعات المسلحة لا تزال مقيمة بأدغال الجبل الذي تحصنت بها منذ أشهر بالرغم من المحاصرة اللصيقة التي تفرضها عليها قوات الأمن والجيش بهدف القبض على عناصرها وإفشال مخططاتهم الإرهابية.