تباع قنينة نبيذ كابرنيه «بنفولدز بين»، تعود إلى العام 2006، بنحو 77 دولاراً في بيجينغ، في حين يبلغ سعرها 37 دولاراً في الولايات المتحدة. أمّا حفاضات «هاغيز»، فما من اختلاف يُذكر في سعرها بين الولايات المتحدة والصين. إلا أن النسخة الصينية عنها تباع بنوعية أدنى. وبالتالي، ما سبب اعتماد العلامات التجارية العالمية استراتيجيات تسويق مختلفة في كلّ من الولايات المتحدة والصين؟ وما سبب الفشل الذريع الذي تكبّده موقع «إيباي» في الصين، بعد النجاح الباهر الذي حقّقه في الولايات المتحدة؟
إنّ العنصر الأهم للإجابة عن هذا السؤال، وعن عدد كبير من الأسئلة الأخرى، هو فهم المستهلكين الصينيين وخصائصهم وحاجاتهم المتغيّرة. وفي ما يلي عدد قليل فقط من الاعتبارات التي ينبغي أخذها بالحسبان، في هذا السياق:
- يتأثر الصينيون بالأسعار، لكنّ العلامات التجاريّة تهمّهم: مع أنّ هذا المزيج يبدو محيّراً، يعكس تأثّر المستهلك الصيني بالأسعار، على الرغم من اهتمامه بالعلامات التجارية، طابعاً ازدواجياً هاماً. ومن المعلوم أنّ الحروب السعرية تحصل على الدوام، وتضر طبعاً بأداء الشركات. غير أنّ عدم المشاركة في هذه الحروب السعرية ينطوي على تداعيات كبيرة، لأنّ المستهلك الصيني يعتبر السعر عنصراً حاسماً في أغلب الأحيان التي يتّخذ فيها قرارات شراء. وفي موازاة ذلك، يولي الصينيون أهمية كبرى للعلامات التجارية، ويبدو الأمر متجلّياً في حبّهم للأسماء التجارية الراقية. وتشير توقعات «بين أند كو» إلى أن سوق الأسماء التجارية الراقية في الصين الكبرى سيحقق نمواً بنسبة تتراوح بين 6 و8 في المئة خلال السنة الجارية، فيتخطى بالتالي مبلغ 35 مليار دولار – فلا تعود تسبقه مرتبةً إلا الولايات المتحدة.
- الثقة غائبة في الصين: يطلب موقع «إيباي» من المشترين تسديد ثمن مشترياتهم أولاً ومن ثمّ الانتظار حتّى يحين موعد استلامها. ومن شأن هذا النموذج تحقيق نجاح في المجتمعات المعروفة بارتفاع مستويات الثقة فيها. إلا أن الثقة تكاد تكون غائبة في الصين حالياً، وبالتالي، يُنظر إلى مطالبة المشترين بالدفع أولاً، من دون رؤية المنتج، على أنّه نوع من أنواع التسويق القسري. ولهذا السبب، تكبّد موقع «إيباي» فشلاً ذريعاً في الصين. أمّا موقع «تاوباو» الإلكتروني، فاعتمد نموذجاً مختلفاً، وأطلق نظام دفع يُدعى «علي باي» ويعتمد على طرف ثالث. وباعتماده، ينزل المال الذي يدفعه المشترون في حساب هذا الطرف الثالث، المملوك لشركة «علي بابا» (الشركة القابضة لموقع «تاوباو»). ولن يعمل نظام «علي باي» على تحويل المال إلى البائع إلا بعد تأكيد المشترين على استلام ما طلبوه من منتجات.
ولا شكّ في أنّ هذا النموذج سمح بإيجاد حلّ فعليّ لمشكلة الثقة، وبالتالي، كان نجاحه فوريّاً.
- سياسة الطفل الواحد في الصين تعني أن دور الأولاد أساسي: تضم عائلات صينية شابة كثيرة اليوم طفلاً واحداً، يكون محاطاً بوالدين وأربعة أجداد، وفي أحيان كثيرة، يتم استقدام مربية وسائق. وبالتالي، يُسجّل قطاع خدمات الأطفال نموّاً بوتيرة لم يسبق لها مثيل.
- المستهلكون الصينيون باتوا أكثر اطلاعاً وتطوّراً ونشاطاً: في العام 2012، حجز الصينيون 83 مليون رحلة إلى الخارج، في ارتفاع بنسبة 18.45 في المئة عن السنة السابقة.
وساعدت هذه التجارب، شأنها شأن تطوّر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، المستهلكين الصينيين على الارتقاء بمستويات اطلاعهم وتطوّرهم.