بات من المؤكد أن الحوار الوطني في تونس لن يستأنف جلساته في الأيام القليلة القادمة بسبب أن الطبقة السياسية بمختلف مكوناتها أضحت عاجزة عن إيجاد مخرج للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ أشهر، والتي زادها حدة الاضطراب الحاصل بالمجلس التأسيسي؛ إذ يخوض نواب الشعب حروباً على واجهات متعددة. فالصراعات التي كانت منحصرة بين الحكومة من جهة ومعارضيها من جبهة الإنقاذ من جهة أخرى توسعت لترمي بظلالها على الأحزاب من الداخل، ومن ذلك أن حركة النهضة والترويكا الحاكمة توجد بينهما اختلافات بشأن كتلتها في المجلس التأسيسي، بين رافض لإلغاء التنقيحات التي تم إدخالها على النظام الداخلي للمجلس ومتحمس لتعديلها ومقترح لإعادة فصول النظام الداخلي إلى أصلها في مسعى لتقريب وجهات النظر بين الترويكا وخصومها، بما يعطي دفعة لجهود استئناف الحوار الوطني في أقرب وقت. وتنتظر النخبة السياسية موعد الثلاثاء القادم للبت نهائياً في هذه المسألة الشائكة خلال الجلسة العامة للمجلس التي ستعقد للغرض نفسه.
ويأتي ذلك في وقت أعلنت فيه كتلة جديدة بالمجلس، تحمل اسم «ائتلاف سيادة الشعب»، مفاجأة مدوية يوم الثلاثاء، بعد تنسيقها مع حركة النهضة الرافضة لإلغاء تنقيحات النظام الداخلي للمجلس. وفي المقابل، تتحدث بعض المصادر عن استفحال التوتر بين مكونات المعارضة كلها وموقف كل حزب في الشق المعارض لعدم توافر الانسجام بين أبناء التيار الواحد بخصوص جملة المواقف التي وجب اتخاذها، سواء فيما يتعلق بالمسار التأسيسي، أو المسار الحكومي، أو حتى الشروط المحددة من طرف كل حزب للعودة إلى طاولة الحوار المعطل منذ أربعة أسابيع. والحقيقة أن ما يخشاه المعارضون لحكومة الترويكا، ومن ورائها النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم، هو ذلك التقارب الغريب بين قيادات اتحاد الشغل الذي يرأس الرباعي الراعي للحوار والقيادات بحركة النهضة التي غيرت خطابها خلال الفترة الأخيرة، فانبرت تشيد بجهود رئيس الاتحاد بعد أن كانت تتهمه بالانحياز إلى المعارضة.