كثير من الخلل تجده في (جوائز التميُّز) التي يعلن عنها، مثل: جائزة المعلم المتميِّز، والخلل يكمن في طبيعة ومسمّى ومفهوم (التميُّز) ذاته, على اعتبار أنّ مفردة (التميُّز) مفردة مطاطة لا يمكن قياسها, وهي أيضاً صفة (دائمة) وليست طارئة, فالمعلم المتميِّز يفترض أنه (متميِّز) قبل وأثناء وبعد الجائزة.
الخلل الآخر يمكن في ثقافة (تعظيم الذات) التي تركز على الشخص أكثر مما تركز على المنتج, فإذا قدمنا للمعلم جائزة التميُّز، فماذا عن (طلابه) الذين يمثلون منتجه المباشر, هل هم (متميّزون)؟!، هل تستطيع جائزة التميّز أو القائمون عليها أن يجيبوا على هذا السؤال؟؟ واسحب هذا الموقف على جميع مجالات الفنون والرياضة والاقتصاد..
هناك أزمة (أفكار) أو أزمة (فكر) لا مثيل لها لدى العربي المصدر لهذه الجوائز, فإذا كانوا غير قادرين على (التمييز) بين الذات والمنتج, بين الشخص وإنتاجه, فكيف يمكن أن ينظموا جوائز يكون لها أثر في التحفيز والتطوير والتشجيع ؟! وإذا ما عرفنا أن هذه الجوائز تترعرع وتنتشر في المجتمعات التي يكثر فيها تقديس البشر, فلا تستغرب أن تجدها في كل شارع وسكة بحكم (الجبلّة) المتأصلة في كيانه.
في جوائز التميُّز، ينبغي أن يكون التركيز على (المنتج) وليس على (الذات)، ينبغي أن يرى الناس المنتج الذي على ضوئه يتسلم صاحب المنتج جائزته, مثل: جوائز الأوسكار أو جوائز أفضل (هدف) في المجال الرياضي..، كفانا تضخيماً للذات وتقديساً لها.
(الاستحواذ) خاصيّة من خواص المجتمعات التقليدية, في حين أنّ (الإنتاج) خاصيّة لدى المجتمعات المتقدمة, وهذا المبدأ هو أحد المعايير التي يمكن من خلالها قياس المجتمعات في هذا الجانب, لا يكفي أن تقول نحن مجتمع متقدم, ما لم تر العلاقة بين الاستحواذ والإنتاج في جميع مناحي حياة الأفراد ومؤسساتهم المدنية.
لو افترضنا ووضعنا جائزة بمسمّى (الإنتاج المتميّز) في المجتمعات التقليدية, هل ستظفر بإنتاج متميّز, فعلاً, لا تجرؤ تلك المجتمعات أن تفعل ذلك, بصورة مباشرة, وإن فعلت, فإنّ الذات تسيطر حتى معايير الجائزة, فالجائزة تعطى (للذات المنفوخة) حتى لو أنّ التقييم على الإنتاج, حتى لو أنّ المنتج فاشل, ولا يسعك هنا إلاّ أن تستدعي نظرية الراحل جاك دريدا (موت المؤلف) لتحل جزءاً من خبال جوائز التميُّز.