انتشار قوات الأمن الداخلي بأنواعها في المدن والقرى والطرقات بطريقة حضارية ومنظمة بهدف استتباب الأمن، أمر يدعو المواطنين للاطمئنان، والفخر، والسعادة، تؤكده التهاني التي تلقاها رجال الأمن من المواطنين، والذين باتوا ساهرين لينام الأهالي بهدوء، ويصحو الصغار لمدارسهم مبكرين، والناس لوظائفهم وأعمالهم، لتدور عجلة التنمية بفعالية ونشاط.
لست بصدد الحديث عن قيادة المرأة السعودية للسيارة، فالموضوع بحد ذاته أمر اجتماعي له نظمه وقوانينه في حال الموافقة الرسمية عليه، ولكن حديثي عن قوة أمنية بارعة أثبتت نجاحها في الملمات والخطوب والمحن، فاقت بها كل التوقعات، وأحبطت تنظيمات مناوئة وقوى خارجية خفية بدءاً من التنظيمات الإرهابية ومروراً بتدخل قوى إقليمية معادية وانتهاء بالتنظيمات الإخوانية الأخيرة.
وفيما يتعلق بمواجهة الخطاب المدني الإلكتروني (فكر، ثقافة، حقوق... إلخ) فإن ذلك يتطلب وجود فرق استشارية من المثقفين والكتاب والمفكرين ممن يملكون رؤى حيادية وعميقة ومعرفة تامة بالحراك الثقافي والإعلامي والاتصال الجماهيري، وممن يملكون رؤى تحليلية لخطاب قادة الرأي (الإلكترونيين) في شتى المجالات التي تعدها الداخلية في الجانب (الأمني)، ليكونوا قوة مساندة لوزارة الداخلية، ذلك أن الاستشاريين يملكون لغة خطاب مشتركة يمكن أن يتواصلوا خلالها مع الآراء التي تصنفها (الداخلية) في هذا الجانب، على اعتبار أن (الداخلية) تبحث عن التنظيمات والأحزاب والحركات التي تدفع بمثل هذه الخطابات، وليس الخطاب لذاته، حيث إن لغة الخطاب تنبئ عن دوافعه مهما كان الناشط الإلكتروني بارعاً في اللغة.
هي فرق استشارية ثقافية صادقة حيادية مخلصة واعية، لا تتملق الأمير ولا تنافقه، ليس مستشاراً واحداً، ولا اثنين، وإنما فرق متعددة متنوعة تقف مع أمن الدولة وحاجات الشعب وتقرأ الخطابات (الإلكترونية) بصورة عصرية وتحللها بمعايير وطنية، تكون في النهاية قوة (فكرية) تعتمد عليها الداخلية بالتنسيق مع بقية مؤسسات الدولة.
في الحرب على الإرهاب نجحت الداخلية في استئصال هذا الخطر الذي أرق المواطنين لبضع سنوات، ولكن (الثقافة والفكر) كانا الجندي الأضعف رغم البرامج المساندة التي أعدت لتلك المهمة بصورة مباشرة، وهي جهود تستحق الشكر والتقدير ولكنها لا تفي بعظم المهمة، وتحديداً مع تعدد قنوات التواصل الاجتماعي التي باتت الطريق السهل التي تسلكه التنظيمات المناوئة، فالقوة وحدها لا تكفي مهما كانت براعتها مالم يصاحبها قوة فكرية بنفس الكفاءة وقيادات ثقافية مؤثرة ولغة إعلامية واعية.