عندما تنظــر لنتائج الثورات العربية, تعرف يقينا أن المتسلقين للســلطة كثير, وأن المنطقة التي (حــارت) فيها تلك الثورات, هي منطقـــة صراع عنيف وبسط نفوذ وأحزاب متطلعة وإقصاء واغتيالات وقتل ودماء ورصاص, هذه النتيجة المتوقعة عندما يكون كرسي الوطن (شاغراً).
هذه هي النتيجة التي تؤول إليها الأمور عندما يهتز الأمن , وتختل الوحدة الوطنية, هكذا يصبح الناس في هرج ومرج وتهجير وجوع وعطش, هكذا تعود الأرض عشرات السنين للخلف, وانظر كيف ستكون النهضة من جديد, وكيف سيعيد الناس حضارتهم, واحسب كم من الوقت تحتاج حتى تعيد الأشياء إلى ما هي عليه أو أفضل مما كان, ثم كيف ستخطوا بالمجتمع نحو المستقبل, إنه زمن طويل, فعمر الحضارات يقاس بمئات السنين وليس باليوم والليلة.
المتسلقون لا يهمهم ذلك, والذين يطعنون الوطن من الخلف يتمنون أن يختل الأمن, إنهم يتحركون بطرق شتى: يداهنون, ينافقون, يحتالون, يكذبون, يراوغون, يتبدلون, يقفزون, يتنبؤون, يخططون.
يسعون لأن يكون (الكرسي شاغرا) حتى يقفزوا عليه بكل ضراوة, لا يتطلعون إلا للكرسي, أما الناس, والشعب, والأطفال , فليذهبوا للجحيم, ولو تمكنوا لأجلوا نصف الناس وفرقوا بين الأهالي وقتلوا الملل والنحل ووأدوا الأفكار, وربما عبروا بالوطن خارج البحار.
في وطني وطن الجميع, لا مجال للمتسلقين, ولا مجال للمثبطين, ولا مجال للمتربصين, فمنذ أن وعى الوطن خطوته الفعلية الأولى عام 1932م , وهو يكبر شيئا فشيئا باتجاه مشاركة عالمية فعالة ومجتمع متمدن, ورغم كل الظروف التي مرت به, ما يزال يسير بمشاركة أبنائه بمختلف مواقعهم وسيظل كما عهدناه ما تهزه ريح.
المجتمع أمام وعي عميق, بأن الإصلاحات تكون بين المواطن والقيادة دون تطفل من الغرباء, وإذا ما عرفنا أن الإصلاحات والتطوير عملية مستمرة فلا مجال للمزايدات والتحذلق والتفيهق, فكل شيء سيأتي بوقته من دون ضوضاء وصراخ وتهييج.
83 سنة هي عمر وطني حتى أمس الاثنين , وإذا قسناها بعمر الحضارات تكون قصيرة, قد لا تفي بالتطلعات الحضارية, ولكنها أنجزت بصورة استثنائية منجزات تنموية مشاهدة والقادم ـ بمشيئة الله ـ أجمل, هكذا إذاً كنا نفكر بنية صادقة, أما لو أن كانت النوايا غير ذلك, فسترى من ( يقلب ) هذا العمر الحضاري ويصفه بالأسوأ, ولكن لا علينا , بتنا نعرف: من مع الوطن, ومن ضده ومن يرقص على الحبلين, ومن يختلف معه بصدق, ومن يختلف معه بخبث.
nlp1975@gmail.com