من المفترض أن الاهتمام بمتابعة الشأن السياسي والتحركات الدبلوماسية والأحداث العالمية والصراعات الدموية على الساحتين العربية والإسلامية، من المفترض أن هذا الأمر لا ينسينا الاهتمام باحتواء مشاكلنا الاجتماعية والسعي الجاد لمعالجتها قبل استفحالها، ومن القضايا الساخنة التي تتربع على القمة، وتنذر بخطر، وتشهد توسعاً متسارعاً وبشكل مخيف قضية “الطلاق”، إذ أفادت دراسة سعودية قامت بها وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة “الاقتصادية” ونشرتها الاثنين الماضي 16-12 على موقعها الإلكتروني: “أن حالات الطلاق في المملكة ارتفعت إلى أكثر من 30 ألف حالة خلال عام 2012، لتبلغ 82 حالة في اليوم، بمعدل 3.4 حالات طلاق في الساعة الواحدة!!.. وأظهرت الدراسة أن معدل حالات الطلاق في 2012، أعلى من نظيره في عام 2010، الذي بلغت حالات الطلاق خلاله نحو 75 حالة طلاق يومياً، بمعدل 3.1 حالة في الساعة، بإجمالي 27.2 ألف حالة.
وبحسب بيانات وزارة العدل السعودية، كشفت الدراسة عن أن أكثر حالات الطلاق جاءت من “فئة السعودي المتزوج من سعودية” بنسبة 90% من إجمالي حالات الطلاق بأكثر من 27 ألف حالة.. وكما جاء في نتائج الدراسة كذلك فقد بلغ معدل حالات الطلاق في السعودية في 2012 نحو 2.5 حالة لكل ألف نسمة فوق سن 15 سنة من الذكور في العام نفسه، لتحتل بذلك الترتيب الثاني بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد البحرين التي بلغ المعدل فيها نحو 2.7 حالة طلاق لكل ألف من الذكور فوق 15 سنة، كما جاءت السعودية في الترتيب الثاني أيضا من حيث نسبة طلاق المواطنين من إجمالي حالات الطلاق لكل دولة بنسبة 92% بعد سلطنة عمان التي بلغت النسبة فيها 96%”.
ومع استفحال ظاهرة “أبغض الحلال إلى الله” وتحوله إلى أسهل الحلول وأسرعها في المجتمع السعودي دون التفكير في العواقب الوخيمة للقرارات المتسرعة التي تخلف ورائها علاقات أسرية مفككة ومتصدعة، وأطفالاً أبرياء محرومين من حنان الأبوين.. مع هذا التغير السلبي في مجتمعنا المحلي كان من الواجب التنادي لمعالجة الأمر وبشكل حضاري ورؤية ناضجة وأسس علمية صحيحة متقنة، وعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق جاء السعي الجاد من قبل مجموعة من العقلاء المهتمين بالشأن العام لتأسيس جمعية مستقلة تُعنى بهذه القضية، أُطلق عليه اسم “الجمعية السعودية الخيرية لرعاية الأرامل والمطلقات”.
لقد شرفني الصديق الوفي والزميل العزيز الدكتور عبدالعزيز التويجري “أبو عمر” بانضمامي إلى الجمعية العمومية التأسيسية لهذه الجمعية “المقترحة تحت إجراءات التأسيس”، والتي سينعقدُ اجتماعها الأول بعد مغرب هذا اليوم، وكرمني فريق العمل بدعوتهم الكريمة لحضور هذا الاجتماع من أجل اختيار مجلس الإدارة والتداول حيال الأهداف التي من أجلها جاء التفكير بتأسيس هذا الكيان الخيري الهام، ولانشغالي وعدم تمكني من الحضور كان لزاماً عليّ أن أشيد هنا بهذه الخطوة التي تعتبر في ظل معطيات حياتنا المعاصرة ضرورية وهامة، وفي ذات الوقت لابد من إسداء الشكر للفريق التحضيري لهذا اللقاء، ولكل من اقتطع شيئاً من وقته وجهده وربما ماله ليكون عضواً فاعلاً ومؤثراً من أجل حماية أركان الأسرة السعودية من التهاوي والسقوط في عالم تموج به الفتن وتكاد تعصف بركائزة المحن.
ولوزارة الشئون الاجتماعية التي تولي الجمعيات الخيرية العامة منها والتخصصية كل الشكر وجزيل التقدير، وللغرفة التجارية الصناعية بالرياض التي تحتضن هذا المولود الجديد وهو في أيامه الأول شكر خاص، وفي ذات الوقت دعوة مفتوحة للدعم المادي والمعنوي من قبل أعضاء مجلس الإدارة ومنسوبيها وغيرهم من رجال المال والأعمال وسيداته وذلك من أجل ضمان النجاح الذي ينشده الجميع، وحتى تتحقق الأهداف المنصوص عليها في المادة الثالثة من الفصل الأول “التأسيس والأهداف” والتي تتنوع ما بين التوعوية التثقيفية والخدمية والبحثية، تحياتي للجميع، وتقبلوا صادق الود، وإلى لقاء، والسلام.