تنعم المملكة بالديمقراطية وحرية التعبير ويعتبر مجلس الشورى من أهم سمات الديمقراطية وحرية التعبير في هذا البلد الإسلامي العريق وهذا ناتج من تطبيق الشريعة الإسلامية منذ توحيد هذا الكيان على يد الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه، وعليه سحائب الرحمة والمغفرة - {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} وقد مارست المملكة الشورى منذ عهد الموحّد.
وقد جاء المجلس في دورته الجديدة في ثوب جديد، حيث تشارك فيه ثلاثون امرأة سعودية بالإضافة إلى مائة وخمسين عضواً حرصاً من قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله من أجل ترسية مبدأ الديمقراطية والشورى في بلدنا المعطاء مما أعطاه سمة أخرى هي سمة التمثيل لكافة أفراد المجتمع.
ويركّز المجلس في جلساته على دراسة تقارير الوزارات وبعض مؤسسات الدولة ودراسة التوصيات التي يقدّمها أعضاؤه وبعد الدراسة يقدّم ملاحظاته لتلك الوزارات أو يرفع توصياته لأولي الأمر والمسؤولين، وقد يكون مرّ على هذه التقارير ثلاث سنوات وأكثر.
تلك التوصيات التي تصدر عن المجلس لا شك أنها لصالح المواطن ولكن المواطن لا يشعر بذلك فأحياناً تكون التوصية في دورة سابقة للمجلس قدّمها أحد الأعضاء وفي الدورة التالية غاب عن المجلس لعدم ترشيحه وغابت معه التوصية التي اقترح مناقشتها في المجلس وكأن شيئاً لم يكن.
وينتظر المواطن قرارات ملموسة تمس حياته اليومية مثل إعادة النظر في تسعيرة الكهرباء أو زيادة مخصصات المتقاعدين مثل العلاوة المعيشية السنوية أو تخفيض تأشيرة رسوم الاستقدام على المواطنين وعدم قياسها برسوم تأشيرة العمالة التي تستقدمها الشركات والمؤسسات الكبرى فكيف نقيس هذا على دخل هذه الشركات والمؤسسات وبين دخل المواطنين ذوي الدخل المحدود، حيث يحتاج البعض منهم لخادمة أو سائق خاص.
ويحتاج الأمر لقرارات إلزامية للوزارة والمصالح الحكومية والهيئات بحيث يكون هناك مردود لما يقوم به المجلس.
وتعتبر دراسة تقارير الوزارات وإبداء الملاحظات عليها من مجلس الشورى من الأمور المهمة ولكن هناك متابعة الدوائر الحكومية من قِبل هيئة الرقابة والتحقيق ونزاهة هيئة مكافحة الفساد وديوان المراقبة العامة بحيث لا يكون هناك تداخل بين هذه الأجهزة ومجلس الشورى أجدر بالدراسة وإبداء الرأي والمتابعة.
ولو رفعت كل وزارة مقدّماً ما تنوي القيام به لمجلس الشورى للنظر فيه وإبداء الرأي لكان أفضل من رفع تقاريرها بعد أن تقوم بالأعمال، فالدراسة هنا على أشياء تمت بالفعل وقد لا تكون مجدية والأولى دراستها قبل أن تتم وليس بعد أن تتم.
كما أن المتابعة للتوصيات التي تم اتخاذها في المجلس من الأهمية بمكان، فإبداء الملاحظات بدون متابعة يفقدها قيمتها وأغلب الوزارات لا تستجيب لانتقادات المجلس ولا تأخذ بتوصياته ولا تقوم حتى باستيفاء النقاط التي طلبها المجلس كما حصل على تقرير وزارة الثقافة والإعلام ونشرته جريدة الجزيرة يوم الثلاثاء 25-7-1434هـ، حيث انتقد عدد من أعضاء مجلس الشورى هذا التقرير للعام 1431 - 1432هـ ووصفوه بأنه ضعيف ولا يليق تقديمه لمجلس الشورى إضافة إلى تجاهله لانتقادات المجلس في العام الماضي.
إن دراسة تقارير الوزارات وطرح التوصيات ومناقشتها من الأعمال المهمة للمجلس ولكن المتابعة أهم والنظر في الأعمال قبل إنجازها أجدى لكي يستفيد المواطن من تلك التوصيات وينعم المجتمع بوجود المجلس الذي ينظر في كل ما فيه صالحه وصالح أفراده وأن تكون توصياته وقراراته تصب في صالح أفراد المجتمع يلمسها وتعينه على معيشته وأعباء الحياة الاقتصادية والاجتماعية والأسرية.