في كل مجال من مجالات الحياة يتم وضع التشريعات لتسهيل وتقنين وضبط كل الوسائل التي تخدم الهدف الأساسي من تصنيفها كأحد المجالات المعتبرة عرفاً واصطلاحاً. فعلى سبيل المثال نرى أن نظام المرور قد وضع لتنظيم حركة السير وسلامة السائقين والذين هم بعبارة أخرى (المنتج النهائي لهذا المجال). لذلك نرى التشريعات والمشرعين والقائمين على تطبيق هذا النظام والذين رغم أهميتهم الكبيرة فإن انتفاء أو فناء (المنتج النهائي) يلغي أهميتهم وسبب وجودهم تماماً. في حين أن بانتفائهم لا يختفي هذا المنتج، بل يظل قائماً ولكن بطريقة عشوائية عبثية تنتج لنا منتجاً رديئاً يعج بالتهور والعبث.
بعبارة أخرى نستطيع تلخيص ما سبق بقولنا إن النظام وجد لخدمة المنتج لا لخدمة القائمين على هذا النظام الراعي لهذا المنتج.
ومثالنا السابق كما ذكرت، ينطبق على كل مناحي الحياة ومنها الرياضة بكل أنواعها بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص. فكل تلك اللجان لم توجد ولم تشكّل إلا لضمان سلامة دحرجة تلك المجنونة على رقعة الأحلام الخضراء. فهي المنتج الحقيقي، وهي الهدف من هذه الهيكلة المتشعبة الأطراف. فهذه المجنونة المستديرة تعاني من داء عضال يسمى (الغيرة). فمتى طمع أحد القائمين على سلامتها بسرقة ولو نزرٍ يسير من الأضواء المسلطة عليها وحدها، فإنها تعاقب كل جمهور المتابعين بإظهار وجه قبيح لها يرغمها على التوقف عن الدحرجة وانتزاع آهات الاعجاب والمتعة واستبدالها بصرخات غضب متعصبة متشنجة ينساق خلفها من ينساق، ويهجرها من يأنف من سوء المنظر وتبدل الأحوال.
فما قامت به لجنة الانضباط في أول اختبار حقيقي لها منذ تعيينها وضع عليها علامة تعجب كبيرة حول فهمها لدورها كلجنة من لجان اتحاد رياضي. فدورها بكل بساطة أن تطبق القانون الماثل بين أيديها فقط، فقط، فقط. وليس بتبني موقف من جهة لحساب جهة أخرى، بل وتجاوز هذا الانحياز غير المبرر إلى مرحلة اختلاق الأدلة وادعاء وجودها لتبرير إجراء قانوني جانبه الصواب. ولكن السؤال الذي يبرز في خضم كل هذه التخبطات، وهو سؤال جوهري: هل ما قامت به لجنة الانضباط جاء عن قناعة داخلية، أم برغبات أطراف خارجية جعلت من هذه اللجنة كبش فداء؟. فقبل الاسترسال في الحديث نريد أن نؤصّل موقفنا الراسخ الذي لا يتزحزح والذي يتمثل في عدم الخروج عن النص والقبول بالاساءات بشتى أنواعها. ولكن تسلسل الأحداث يجعلنا نتجاوز مرحلة الشك إلى الإيمان التام بأن هنالك عارضاً قد أقلق انسيابية الخطوات النظامية لإصدار القرار. فليس من المعقول أن يتم استلام الاحتجاج، ثم يرفض، ثم يحول للاستئناف وخلال فترة النظر في القضية تقوم الرتبة الأدنى قانونياً (لجنة الانضباط) بإصدار عقوبة بعد خروج الموضوع كاملاً من بين أيديها في عبث قانوني لا يقره جاهلو القانون ونراه يصدر من أساتذته. لا تلوموا لجنة الانضباط، ولا تلوموا رئيسها أو حتى أعضاءها. ابحثوا عمن نسي أن أهميته (في هذا المجال) تنتهي تماماً بانتهاء الرياضة، ورغم ذلك يحاول أن يقوم بسرقة بقعة الضوء عن تلك المجنونة الغيور إما بتغريدة أو بتدخل من خلف غطاء أو بتوجيه أحد الأقنعة بالقيام بدور البطولة.
أنقذوا تلك الغيور، فنيران الغيرة تحرق الأخضر واليابس.
انتقائيات لا تقبل حسن النية
- غاب عن المنتخب (ودياً) فجرد من وطنيته، وغاب عن فريقه (رسمياً) فتم غض الطرف عن المسألة.
- وضعت صورته على شريط ألعاب فنظمت حملات مقاطعة ونوقش هذا الظلم البواح لأسابيع، ووضعت صورة غيره على نفس الشريط فتم غض الطرف عن المسألة.
- إساءات صدرت من مدرجه فتم تجريد كل من يميل إليه من الأخلاق وحسن التربية، وإساءات أخرى صدرت من مدرجات منافسيه فتم غض الطرف عنها.
- يخرج من منافسة خارجية فيتم النقاش عن ترسيخ العقدة وعدم أهليته لتمثيل الوطن، ويخرج غيره من نفس المنافسة فيتم نقاش انحدار المستوى العام لكرتنا ويغض الطرف عنهم.
(السر يكمن في اللون لا في المهنية، فغضوا الطرف عن سقطاتهم)
خاتمة...
يداك أوكتا وفوك نفخ
(مثل عربي)