يحظى أئمة الحرمين الشريفين بمكانة سامية في نفوس المسلمين قاطبة؛ وذلك لعلمهم الشرعي وحفظهم لكتاب الله عزَّ وجلَّ، وقد علّت همّة شيخنا معالي الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد بتأليف كتاب يجمع تراجم أئمة الحرمين الشريفين منذ عهد النبوة إلى عام 1432 هـ وجعل له عنوان «تاريخ أمة في سير أئمة» يقع في خمسة أجزاء ذكر فيه كل من أمّ المصلين بالحرمين الشريفين، ومما لفت نظري في هذا الكتاب ذكره لبعض الولاة والأمراء ممن تولى إمامة الحرمين وذكر منهم من المعاصرين أبناء المؤسس المغفور له جلالة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن -طيَّب الله ثراه- وعلى رأسهم، الملك سعود -رحمه الله- (المتوفى سنة 1389 هـ) حيث أمّ المصلين بالمسجد الحرام ست مرات متفاوتة ما بين عام 1374 هـ إلى عام 1381 هـ، وذكر أيْضًا إمامته للمسجد النبوي الشريف، حيث أمّ المصلين ثلاث مرات ما بين عام 1377 هـ إلى 1380 هـ بدعوة من فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح -رحمه الله-.
وكذلك ترجمة للملك فيصل -رحمه الله- (المتوفى سنة 1395 هـ) وذكر قصة إمامته بالمسجد الحرام عام 1384 هـ وملخصها: «أنّه عندما بويع ملكًا للمملكة العربيَّة السعوديَّة جاء إلى مكة المكرمة وطاف بالبيت الحرام، ولما حانت صلاة المغرب طلب فضيلة إمام المسجد الحرام وخطيبه الشيخ عبد الله الخليفي -رحمه الله- من الملك فيصل أن يصلي بالناس فاعتذر، فألح عليه فوافق، وقبل الإقامة قال المؤذن الشيخ عبد الله بصنوي بصوت مرتفع في جهاز الميكروفون: (إمام المسلمين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود يؤم المسلمين)، ثمَّ أقام الصلاة، فكبر الملك فيصل -رحمه الله- تكبيرة الإحرام بصوت مؤثِّر، ثمَّ قرأ في الركعة الأولى سورة الضحى، وفي الثانية صورة الشرح، وبعد الانتهاء من الصلاة اندفع إليه جموع المصلين بشكل مروِّع يسلّمون عليه، ورافقوه إلى باب الحرم، والجميع يدعو له بالتوفيق والسداد».
وقد حوى هذا السفر الجليل العديد من القصص الأدبيَّة والأبيات الشعرية وبعض المؤلِّفات العلميَّة لأئمة الحرمين الشريفين، وحق له الفوز بجائزة «كتاب العام» للنادي الأدبي بالرياض، وأهنئ شيخي معالي الدكتور صالح بن حميد بمناسبة فوزه بالجائزة وهذا ليس بغريب على عالم وفقيه مثله، وأتمنَّى له مزيدًا من التوفيق والسداد في حياته العلميَّة والدعويَّة.