أعرف عن الأمير نواف بن فيصل بن فهد منذ أن كان طالباً في المدرسة، كنت اسمع ما يقوله زميله -شقيقي- عن شاب مختلف، لديه اهتمامات إبداعية، ومحب لمن حوله، ومتواضع جداً، هذا ما كنت اسمعه في مرحلة دراسته الثانوية. والمسؤول الحكومي بالتأكيد لا يُقيّم أداءه بما كان عليه أو بمستوى دماثة أخلاقه، بل يكون -أعانه الله- في مواجهة مستمرة مع النقد، ومن النقد ما يبني ويفيد ومنه ما يُحبط ويهدم ويمكن اعتباره -قلة أدب-.
والحق يجب أن نقوله ونظهره، الأمير نواف بن فيصل نموذج مشرف للمسؤول الحكومي الشاب الذي يريد أن يقدم شيئاً مختلفاً ومؤثِّراً، ولا يريد أن يقتصر دوره على المجال الرياضي بصخبه وتعصب جماهيره. وتفعيل الأدوار الأخرى للرئاسة العامة لرعاية الشباب بدأت فعلياً منذ تولي الأمير نواف لمسؤولياته، وهو بحاجة لإعادة تعريف الرئاسة العامة لرعاية الشباب قبل البدء في تغيير أولوياتها، أو تطوير المجالات الأخرى التي أُهملت منذ زمن بعيد.
أكتب اليوم عن هذه الرئاسة الثرية بالمهام، والفقيرة في التأثير، والسبب في انعدام تأثيرها كما أشعر، أن رئيسها طموح ويريد النهوض بالدور الذي تلعبه رئاسته لكن الجسد الإداري والتنفيذي منهك، وغير قادر على تحقيق الأفكار بأسلوب عصري، وهنا بالطبع أتحدث عن الكيان الإداري الذي يحمل اسم “رعاية الشباب” ولا يندرج تحت إنجازات هذا الكيان، المبادرات المتقدمة التي يقوم بها نواف بن فيصل بن فهد، والتي تُطلق كما نلاحظ بمعزل عن العقلية الحكومية المتحجرة المعروفة عن الهيئات الحكومية “العتيقة” والتي لم تنفض بعد غبار الآلة الكاتبة والتيليكس.
سبب الكتابة عن الرئاسة العامة لرعاية الشباب، نقاش طويل جداً بدأ في الرياض ولم ينته في روما بيني وبين الصديق والأخ الدكتور علي الخشيبان، الكاتب والمهتم في التنمية الاجتماعية، ونشترك أنا وعلي في ذات الاهتمام، ولعل اهتمامنا بالتنمية الاجتماعية بمفهومها الحديث، جعلنا نبحث في بيئتنا الحكومية عن راع لهذا الجانب، واكتشفنا أنه مغيّب عن اهتمامات المشرّع الحكومي، ولم تُذكر التنمية الاجتماعية إلا في بضع كلمات هنا وهناك، دون تخصيص قطاع لرعايتها.
وفي الحديث الطويل، قلنا: أين الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟ ولماذا لا يضاف لها دور “تنمية المجتمع”؟ وأن تتحول إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتنمية المجتمع، وهي فرصة لإعادة تقديم هذه الرئاسة للمجتمع من جديد، لتسهم بشكل فعَّال في الجهد التنموي الشامل للدولة.
والتنمية الاجتماعية ثقافة وطنية، قبل أن تكون وظيفة حكومية، وهي مزيج رائع بين أدوار عديدة يمكن من خلالها، الإفادة من قدرات الشباب، وفتح مجالات التطوع، وتعزيز قيم المواطنة والحفاظ على الهوية الوطنية، تطوير القدرات الإبداعية، ويضاف إليها دور التنمية الاجتماعية في رفد ودعم الاقتصاد الوطني.
بإمكان الرئاسة العامة لرعاية الشباب أن تتبنى هذا القطاع الكبير والمهمل، وأن يبدع الأمير الشاب في وضعه على واجهة الإنجازات الحكومية، وأن تتغير الصورة الذهنية للرئاسة العامة لرعاية الشباب، من هيئة رياضية ومعنية بالتحديد في كرة القدم إلى هيئة حكومية وطنية لها مهام اجتماعية وثقافية ضمن المنظومة التنموية للدولة.
يجب أن يعلم المجتمع أن الأمير نواف بن فيصل لا علاقة له بكرة القدم، وأن كرة القدم لعبة رياضية مرجعها اتحاد رياضي، ضمن لجنة أولمبية، واللجنة الأولمبية ليست قطاعاً حكومياً، ولن يستوعب المجتمع أن الرئاسة شيء آخر مختلف عن كرة القدم والجماهير والملاعب والصحافة الرياضية الملتهبة إلا بعد تغيير كامل للهوية، يعتمد أعلى معايير الاتصال الإيجابي مع المجتمع، والفرصة مناسبة للتغيير، وللتطوير، ولإضافة شيء جديد له لون ورائحة ونكهة.