عندما شاهدت قبل أيام صور غار حراء والمنطقة المؤدّية إليه في إحدى الصحف السعوديَّة شعرت بكثير من الخجل، لأن هذه الصورة تكرّرت كثيرًا منذ سنوات ولكن دون أن يتخذ أيّ إجراء يعطي لهذا المكان ما يستحقُّه من الاحترام والتقدير. أنا لا أدعو هنا للتقديس ولا أدعو لإقامة أمور مخالفة للاسلام، ولكني أدعو وبقوة إلى أن يلتفت إلى هذه المنطقة وأعني منطقة غار حراء وأن تعطى حقّها من الاحترام فهي ليست مجرد جبل أو غار، وهي ليست مُجرَّد جزء من تاريخ الإسلام فقط، ولكنها ذات ارتباط برسول الإسلام محمد صلَّى الله عليه وسلَّم وهذا الغار هو الذي كان يذهب إليه قيل النبوة وهو الذي شهد نبؤته صلَّى الله عليه وسلَّم، ومن ثمَّ نحن أمام مكان عظيم مؤثِّر في تاريخ الإسلام والإنسانيَّة. ولأنه كذلك فليس من المستغرب أن يأتي لرؤيته أفراد من مختلف أنحاء العالم الإسلامي بهدف الوقوف عليه، الذي يعرفه كل مسلم، ويعرف ما له من مكانة، ويعرف مدى الارتباط الذي يربطه بالنَّبيِّ الكريم.
من المخجل أن تكون هناك نفايات في الطريق السالك إليه، ومن المخجل أن تكون هناك نفايات تتناثر حوله، ومن المخجل أن تكون هذه الكتابات المدوّنة عليه واستخدام الأصباغ البدائية، ثمَّ الأكثر أضرارًا وألمًا هذا الزحف العمراني على منطقة الجبل. لا أعرف ما هي الجهة التي تبادر إلى تصحيح الوضع وتعطي غار حراء حقّه من الاحترام والعناية، هل هي هيئة السياحة والآثار، أم هي إمارة منطقة مكة المكرمة، وهل هناك أيّ حهة مؤثِّرة لا ترغب في أن يعطى هذا الغار ومنطقته أيّ نمط من العناية والاهتمام؟ فإنها أسئلة تدور في الذهن كُلَّما رأيت غار حراء وحالته التي تنم عن الإهمال وعدم الاهتمام بصورة مزعجة.
أتمنَّى من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة وبما عرف عنه من اهتمام وتقدير لكل ما له صلة بمكة وفوق كل ذلك كل ما له صلة بني الإسلام أن يبادر إلى وضع حدٍّ لهذا الإهمال الذي يشوِّه أحد أهم معالم التاريخ الإسلامي.