لعلنا لم نشهد رمضان كهذا منذ زمن بعيد، فشهر العبادة والسلام والمحبة والبذل والإنفاق والتراحم، شغل جزء من المسلمين فيه بالحروب والاقتتال والفوضى والتنابذ والدعوة إلى الفرقة وتحوّل المشهد فيه من خلال القنوات الفضائية إلى دمار ودم وموت وانحدار أخلاق.
ما الذي حدث لأخلاقنا؟ وما هو الخلل في أوضاعنا المعاصرة حتى لم تعد للشهر حرمة عند كثيرين يمارسون فيه الموت والتدمير من جهة، ومن جهة أخرى ما دوافع هذه الهجمة الشرسة للمسلسلات الباردة والمسلسلات التي تجاوزت الخطوط في عدم الاحتشام والخروج عن أخلاق الإسلام وقيمه؛ وهي غير مقبولة في الأشهر العادية فما بالك وهي تقدّم في هذا الشهر الفضيل.
أتساءل ما الذي يحدث؟ وكيف وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة من التراجع عن القيم والأخلاق الرفيعة التي يدعو إليها الإسلام ولا يختلف فيها عن كل دعوة إنسانية صادقة.
إن ما أعرفه أن رمضان هو شهر حساب للإنسان يراجع فيه نفسه ويبحث عن أخطائه وتجاوزاته ليعدل منها ويقوّمها ويعمل على تداركها وما أعرفه أن هذا الشهر الكريم يدفع إلى التراحم وإلى الإخلاص في النيّة في اتباع ما أمر الله تعالى وتجنب نواهيه في مسار الحياة بأكملها.
وليس أمامي ولا في مقدوري غير التوجه بالدعاء إلى الله سبحانه بأن يهدينا إلى مرضاته وان يحمينا من الشرور وعلى رأسها شرور أنفسنا وأن يجمع كلمتنا على الخير وأن يحمي أبناءنا من المفسدات الكثيرة التي تجلبها وسائل الاتصال المعاصرة قصداً وعمداً.
ومع الدعاء لا بد لنا جميعاً مؤسساتٍ وأفراداً أن نتضامن على تكثيف بناء السلوك للناشئة على خلق الإسلام الصحيح الداعي إلى طاعة الله ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعميق الأخلاق الحميدة ومقاومة كل الشرور التي تتسلّل إلينا بتوضيح أضرارها ومفاسدها.