أعلنت حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم الأحد عن موافقتها على مقترح إنشاء ورشة المسار الحكومي بعد أن كانت معارضة بشدة هذه المبادرة التي تندرج في إطار مسعى حثيث لإيجاد حلٍّ يدفع طرفي النزاع إلى مزيد من التلاقي.
وكان المشاركون في الجلسات التمهيدية للحوار الوطني الذي تشرف عليه المنظمات الأربع الراعية له اتفقوا على تقسيم أعمالهم إلى ثلاث لجان تعنى الأولى بالمسار الدستوري التأسيسي بما يعني أنها ستتكفل بانهاء المهام التي من أجلها تَمَّ انتخاب المجلس التأسيسي وصياغة الدستور. أما اللجنة الثانية فتعنى بالمسار الانتخابي بما يعني أنها تتولى رفقة خبراء في المجال القانوني الانتهاء من صياغة المجلة الانتخابية وتشكيل الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات التي تمثِّل مشكلة قائمة بذاتها وعائقًا قانونيًّا كبيرًا يحول دون تقدم الحوار الوطني مهما كانت الإرادة السياسيَّة للأحزاب المشاركة فيه. واللجنة الثالثة التي كانت محل جدل وخلاف بين الحكومة فستهتم بتحديد صلاحيات الحكومة المزمع تشكيلها من كفاءات مستقلة لتقود البلاد إلى الانتخابات بكلِّ حيادية وافقت النهضة بعد يوم كامل من النقاشات المستفيضة على أحداث هذه اللجنة المكلفة بالمسار الحكومي.
وتأتي موافقة حركة النهضة على هذه اللجنة في ظلِّ إصرار منها على ألا تستقيل حكومة علي العريض إلا بعد الانتهاء من الدستور الجديد وتشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات ووضع المجلة الانتخابية بما يعني بأن كل هذه المسارات التي ستاخذ أسابيع أن لم نقل شهورًا لتفعيلها ستجعل مسألة تحديد مواعيد ثابتة لتفعيل بنود مبادرة اتحاد الشغل مسألة لا وزن لها لانعدام إمكانية تطبيقها على أرض الواقع.
وفي سياق آخر أثارت تصريحات رئيس الحكومة علي العريض الأخيرة حفيظة أسماء من المعارضة لديها رأي مخالف لرأيه بخصوص تأجيل استقالة حكومته إلى حين استكمال المسار التأسيسي حيث دعا القيادي بحزب المسار الديمقراطي سمير بالطيب بعض الأحزاب إلى الإعلان صراحة عن رفضها خريطة الطريق بعد التوقيع عليها في إشارة إلى حركة النهضة التي كان زعيمها راشد الغنوشي وافق على بنود الخريطة ليأتي بعيد ذلك رئيس حكومته ويرفض ما جاء بها.
ولم يفوت بالطيب الفرصة ليعلن أن رئيس الحكومة كشف بتصريحاته الأخيرة عن خريطة طريق خاصة به لا تلزم أحدًا غيره، داعيًا كل الأطراف السياسيَّة إلى تحميله مسؤولية محاولة إفشال الحوار.
من جهته كان محسن مرزوق القيادي بحزب نداء تونس أكثر صراحة حيث دعا الشيخ راشد الغنوشي إلى عزل علي العريض من منصبه برئاسة الحكومة اواستدعائه للانضباط لمواقف الحركة وذلك على خلفية تناقض تصريحاته مع ما أعلن عنه رئيس النهضة.
أما النائب المنسحب من المجلس التأسيسي المنجي الرحوي فأفاد بأن قيادات النهضة لن تصل إلى إيجاد مناخ سليم إذا واصلت مسلسل التصريحات والتصريحات المضادة مشددًا على أنَّه عزم على مواصلة المفاوضات والتحاور بشأن إيجاد مخرج من الأزمة السياسيَّة في غياب الجدية وعلى خلفية التضارب في تصريحات حركة النهضة.
ولم يختلف موقف المعارضة مية الجريبي القياديّة في الحزب الجمهوري عن بقية المعارضين الذين رفضوا تصريحات رئيس الحكومة رفضًا قاطعًا حيث اعتبرت أن ما أكَّده العريض من عدم فشل حكومته في إدارة الشأن العام أمر خارج عن السياق العام وبعيد كل البعد عن الواقع التونسي.