يعتبر قطاع الإدارة من أهم القطاعات الفاعلة في أي دولة باعتبار أن مهمة الإدارة هي تنفيذ ما تصدره الحكومة من قرارات تتعلق إما بتقدم الوطن وحمايته، أو بالخدمة التي تقدم للمواطنين، فالإدارة هي التي تترجم القرارات والتوجهات الحكومية إلى خدمات ملموسة، كما أن الإدارة هي التي ترصد الملاحظات التي تحصل على القرارات الحكومية وتعمل على دراستها ثم الرفع عنها بطلب إلغاء القرار محل الملاحظات أو العمل على تعديله وتطويره.
ولأهمية الإدارة يُعَبرَّ عنها في بعض الدول بأنها هي الحكومة، ففي بريطانيا يقول الخبراء هناك بأن الإدارة في واقع الحال هي الحكومة ، وفي الولايات المتحدة يطلق على الحكومة بأنها الإدارة، فيقال مثلاً : إدارة الرئيس بوش أو إدارة الرئيس أوباما ونادراً ما تسمع بعبارة الحكومة الأمريكية مع أنها في الواقع هي الحكومة باعتبارها تتألف من نائب الرئيس والعديد من الوزراء برئاسة رئيس الدولة.
وفي بلادنا تم الاهتمام بقطاع الإدارة منذ وقت مبكر حتى قبل اكتمال التأسيس حيث أصدر المؤسس الملك عبدالعزيز- رحمه الله- سنة 1345هـ بأمر ملكي (التعليمات الأساسية للدولة) والتي تتعلق بتنظيم كافة جوانب الإدارة في الدولة ثم جرى تطوير هذه التعليمات سنة 1347هـ بإصدار تعليمات خاصة تركز على بعض الجوانب الإدارية التي لم ترد في التعليمات الأساسية كالجوانب الخاصة بالموظفين التي استمر العمل بها بعد اكتمال تأسيس الدولة سنة 1351هـ إلى أن صدر سنة 1373هـ نظام مجلس الوزراء والذي ترأس أول جلساته الملك سعود بن عبدالعزيز- رحمه الله- حيث توفي الملك عبدالعزيز رحمه الله بعد استحداث مجلس الوزراء بفترة وجيزة.
وفي سنة 1377هـ صدر نظام جديد لمجلس الوزراء يتضمن العديد من اللمحات التطويرية لمسيرة العمل الإداري في المملكة.
وبعد أن تولى الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله مقاليد الحكم سنة 1384هـ أصدر أمراً ملكياً تم فيه تعديل نظام مجلس الوزراء يتضمن أن الملك هو رئيس مجلس الوزراء ولا يزال هذا التعديل ساري المفعول.
وفي سنة 1387هـ أصدر الملك فيصل رحمه الله أيضاً امراً ملكياً آخر يتضمن استحداث منصب (النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء) والذي أثبتت الأيام والأحداث أهميته.
وفي سنة 1379هـ استقدمت المملكة فريقاً من خبراء شركة فورد الأمريكية لدراسة الوضع الإداري والعمل على تطويره وهو ما حصل بالفعل حيث نتج عن ذلك استحداث (معهد الإدارة العامة) سنة 1380هـ وابتعاث العديد من الموظفين لدراسة مبادئ الإدارة الحديثة في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية وإصدار العديد من الأنظمة والهيئات الإدارية الحديثة وفي مقدمتها نظام للموظفين وهيئة للرقابة الإدارية.
من جانب آخر حظي قطاع الإدارة في بلادنا بدعم واهتمام خاص من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله حتى قبل توليه الحكم.
ففي سنة 1424هـ أصدر أمراً سامياً يتضمن العديد من النقاط التي تهدف إلى تطوير العمل الإداري ومنها الآتي :-
* قصر المزايا الوظيفية من ترقيات ونحوها على ذوي الكفاءة من الموظفين.
* استحداث (اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري) لتطوير الأنظمة الإدارية والمالية والهيئات الإدارية.
* حث المسئولين على متابعة أعمال تنفيذ المشاريع الحيوية المتعلقة بحياة المواطنين لكي يتم إنجازها في وقتها.
* تحري النزاهة والإخلاص في الأعمال الحكومية.
وقد أكد الملك عبدالله- حفظه الله- اهتمامه بالقطاع الإداري بعد توليه مقاليد الحكم سنة 1426هـ ومن أبرز ملامح هذا الاهتمام ما يلي :-
* إنشاء مركز قياس لأداء الأجهزة الحكومية وقد ربط هذا المركز بصورة مؤقتة بمعهد الإدارة العامة على أن يصبح فيما بعد مركزاً مستقلاً ومرتبطاً بالديوان الملكي.
* استحداث (هيئة مكافحة الفساد) حيث تقوم هذه الهيئة بتحري النزاهة في الأعمال الحكومية المتسمة بالطابع المالي وذلك للحيلولة دون حصول المخالفات المالية المتعمدة في المناقصات وفي العقود وبالذات عقود المشاريع الكبيرة.
* استحداث (وزارة الخدمة المدنية) حيث حوَّل ديوان الخدمة المدنية إلى وزارة وذلك للدور الذي كان يقوم به في العديد من الأعمال واللجان الإدارية المتصلة بمهام مجلس الوزراء.
* مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام من حيث المنهج والإدارة والأسلوب.
* دمج ديوان رئاسة مجلس الوزراء في الديوان الملكي وهو قرار صائب باعتبار أن الملك في بلادنا هو رئيس مجلس الوزراء مما يسهل من حيث الوقت والجهد عملية سير المعاملات المرفوعة للمقام السامي ودراستها.
* تحويل الحرس الوطني إلى وزارة، وذلك للدور الفعال الذي يقوم به هذا الجهاز في مجال الدفاع عن الوطن وممتلكاته ومرافقة.
* مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء لكي يتمشى مع متطلبات إجراءات التقاضي المعاصرة.