أعتقد أنه لا يوجد من يزايد على أهمية ودور الوظيفة التعليمية وشاغلها، إذ يعتبر العمل في مجال التعليم إدارة أو إشرافاً تربوياً أو تدريساً، من أهم وأبرز الأعمال التي تقدم للمجتمع، وذلك لكون المعلم أو المعلمة يقومان بدور حيوي في تربية النشء وتعليمه وتثقيفه وتأهيله لخدمة دينه ووطنه، وأن مدير المدرسة ووكيله والمشرف التربوي يقومون بدور فعّال عن طريق دفع هذه العملية إلى تحقيق أهدافها عن طريق التوجيه والمتابعة للمعلمين والمعلمات فنشء المجتمع أمانة في أعناق هؤلاء تتطلّب منهم استشعار المسئولية الملقاة على عاتقهم، والإحساس بأهمية عملهم ودوره الهام في إعداد الأجيال للقيام بأعباء ومهام ومسئوليات الوطن الغالي، ونعتقد بأنّ شاغلي هذه الوظائف المتسمة بالطابع التربوي والتعليمي، يدركون تماماً هذه المسئوليات الهامة لعملهم، ولكننا أوردنا هذا الأمر في هذا المقال من باب التأكيد والتذكير والتعاون بسبب تلك الأهمية القصوى لهذه الأعمال.
فمدير المدرسة أو مديرة المدرسة ووكيلها أو وكيلتها، وإن كان عملهما يتسم بالطابع الإداري إلا أنّ هذه السمة ينبغي ألا تتغلب على أعمالهم، بل ينبغي أن يكون للعمل الميداني المتمثل في متابعة أداء المعلمين والمعلمات حسب الطرق الحديثة في المجالين التربوي والتعليمي، وانضباطهم في دوامهم وعدم هدرهم الوقت المخصص للطلبة والطالبات، وكذلك التأكد من تواجد الطلاب والطالبات بعدم التأخر عن الدوام أو الخروج خلاله وحضورهم في الأوقات المحددة حيز كبير في وقت عملهم.
والمشرف أو الموجه التربوي أو المشرفة أو الموجهة التربوية، عليهما مسئولية جسيمة في متابعة أداء المعلمين والمعلمات، والتأكد من أنهم يؤدون أعمالهم حسب الخطة الموضوعة وحسب المنهج المحدد، وعلى المشرف التربوي أو المشرفة التربوية، ألا يكون للمجاملة والمحسوبية والعاطفة فسحة في عملهما، فالموضوع غير قابل لذلك لكونه يتعلق بمصلحة الأمة ومستقبلها، ذلك أن هؤلاء النشء من الطلبة والطالبات هم قوام المستقبل في بناء الوطن وتقدمه والقيام بسائر شؤونه فهي بحق أمانة كبرى.
أما المعلم أو المعلمة فإنهما يمثلان مركز العملية التعليمية وقلبها النابض، وذلك لأنّ تفعيل العملية التعليمية والتربوية للطلاب والطالبات بصورة مباشرة وفي الميدان يتم عن طريقهما، وأن أي تقصير في ذلك يقع بشكل مباشر على المعلم أو المعلمة.
ولذلك فإنّ الإخلاص في العمل والمحافظة على الوقت والحرص على المشاركة الطلابية والتحلِّي بالأخلاق الفاضلة وإصلاح الإعوجاج أو التقصير لدى الطلبة أو الطالبات يأتي في مقدمة ما ينبغي أن يحرص عليه المعلم أو المعلمة.
- فالمعلم أو المعلمة ينبغي أن يحافظا على الوقت المخصص للطلبة أو الطالبات، وذلك بالحضور في بداية الحصة وعدم الانصراف قبل نهايتها وأن يقوما باستغلال كل دقيقة منها لمصلحة الطلاب أو الطالبات، وألاّ يخرجا من المدرسة لمصلحة شخصية لهما تاركين الطلبة أو الطالبات لمعلم أو معلمة بديلين، إلاّ إذا كان الخروج لسبب ملح وضرورة قصوى، وأن يقوما بتفقد أحوال الطلبة أو الطالبات ذوي المستويات الضعيفة ويعملا على رفع مستوياتهم.
- وأمر آخر مهم يتطلب من المعلم أو المعلمة التحلي به وهو أن يسعيا بأن يكونا أسوة حسنة للطلبة والطالبات بحيث لا يرى فيهما الطلبة أو الطالبات إلا المعاني الكريمة والتصرفات الطيبة وسماحة الإسلام ووسطيته مما يحصن الطلبة والطالبات أمام دعوات الغلو والتطرف وهدم الأخلاق الفاضلة، ذلك أن الطالب أو الطالبة يقضي كل منهما مع معلمه أو معلمته وقتاً يتجاوز الوقت الذي يقضيه كل منهما مع أسرته.
- ومن الأمور ذات الأهمية المطلوبة من المعلم أو المعلمة مراعاة وضع الطلبة أو الطالبات ذوي المستويات الضعيفة والعمل على رفع مستوياتهم لمسايرة زملائهم الآخرين، فقد يكون هذا الضعف راجعاً لظروف خارجة عن إرادة الطالب أو الطالبة، وهما في هذه الحالة بحاجة ماسة إلى من يقف معهما لتجاوز هذه الظروف.
- أن يحرص المعلم والمعلمة على تطوير أساليب عملهما بما يخدم مصلحة الطلاب والطالبات.
- أن يلتزم المعلم والمعلمة باللغة العربية الفصحى خلال الحصة الدراسية بل في المدرسة.
- أن يهتم المعلم والمعلمة بالواجبات المدرسية والعناية بتصحيحها.
- أن يحرص المعلم والمعلمة على الاهتمام بمستوى تحصيل الطلاب والطالبات ومعالجة الإشكالات المتعلقة بذلك.
- أن يكون المعلم والمعلمة متمكنين من المادة العلمية المكلف كل منهما بها مع القدرة على تحقيق أهدافها.
- أن يحرص كل من المعلم أو المعلمة على أن يلقي مادته أمام الطلبة أو الطالبات بصورة واضحة ومفهومة وحسب المنهج المقرر.
- أن يقوم المعلم أو المعلمة بفتح المجال أمام الطلبة أو الطالبات بالمشاركة الذاتية، وأن يتم التشجيع على ذلك.
- أن يغرس المعلم أو المعلمة في أذهان الطلاب والطالبات العقيدة الإسلامية الوسطية التي أمرنا الله عزّ وجلّ ورسوله صلى الله علية وسلم باتباعها وهي العقيدة القريبة من التآلف و المحبة والمودة والبعيدة عن التشدُّد والتطرُّف والكراهية .
وبعد فإنه بسبب هذه الأهمية للوظيفة التعليمية والعاملين فيها المتمثلة في تعليم وتربية الأجيال، فقد قوبلت هذه الأهمية بإفراد شاغلي الوظائف التعليمية بمزايا خاصة، فقد تم إصدار لائحة وظيفية خاصة بهم تتضمّن سلّم رواتب خاص ومزايا مالية أخرى ومكافأة مجزية تصرف في نهاية الخدمة، كما أنه في هذا الإطار يتم من حين لآخر إحداث الوظائف التعليمية الجديدة من أجل تحسين وضع المعلمين والمعلمات الذين عينوا على وظائف تقل عن الوظائف المناسبة لمؤهلاتهم العلمية، وهو الأمر الذي يترتب عليه زيادة جيدة في مستويات دخول هؤلاء المعلمين والمعلمات المادية، وكذلك من أجل دفع العملية التعليمية، والمؤمل هو أن ينعكس ذلك بصفة إيجابية على أداء العاملين في مجال التعليم بما يتلاءم مع المهام الجسام المطلوبة منهم، فالدولة والمجتمع يعلقان آمالاً كبيرة في أن يسهم ذلك في تطوير وتحسين العملية التعليمية بمزيد من الإخلاص والانضباط والشعور بالمسئولية من قبل العاملين في مجال التعليم العام.