| |
افتعال إغلاق إيجابي لمؤشر عام 2006 بقيادة البنوك رحيل أقسى عام في تاريخ سوق الأسهم شهد أسوأ انهيار وأكبر إصلاح في تاريخه!!
|
|
* د. حسن الشقطي * أنهى سوق الأسهم هذا الأسبوع عاماً من حياته، وهو عام 2006 الذي شهد أحداثاً مثيرة على مستوى تحركات المؤشر والأسهم من مستويات متوسطة إلى مستويات عليا، ثم انحدارهما إلى مستويات دنيا للغاية.. وعلى الرغم من الاضطرابات العنيفة التي شهدها السوق على مدى العام، إلا أن صُنَّاع السوق سعوا في الدقائق الأخيرة من تداولات العام إلى إضفاء الإيجابية على إغلاقه، لم تستند تلك الإيجابية المفتعلة إلى أي معطيات أو واقع حقيقي، ومهما كانت توجُّهات الإغلاق، فإنها لم تتجاوز 95 نقطة، ولا تتعدى حوالي 1% من قيمة خسائره الكبيرة هذا العام.. وبوجه عام يُعتبر عام 2006 من أسوأ السنوات التي مرَّت على المساهمين في سوق الأسهم، حيث شهد السوق أكبر انهيار في تاريخه، وفي ذات الوقت شهد أكبر إصلاح في مسيرته فكيف كان أمس؟ وكيف سيكون غداً؟ المؤشر يحرز قمة عند 20967 وينهار ليلامس 7499 نقطة افتتح السوق تداولاته على مستوى 16737 نقطة، وتحرك حتى بلغ أقصى قمة له عند 20967 نقطة في الأسبوع الأخير من شهر فبراير الماضي، ثم دخل في سلسلة تصحيحية أردأته إلى مستويات تجاوزت مستوى افتتاحه، وانحدرت به إلى مستوياته في عام 2004، وقد وصل المؤشر إلى أدنى نقاطه عند 7499 نقطة.. بالتحديد خسر المؤشر خلال السنة 53% تقريباً، إلا أن خسائره إذا قُدرت منذ أعلى نقطة في 25 فبراير الماضي، فإنها تتجاوز الـ63%. حدود تأثير الإغلاق الإيجابي المفتعل للمؤشر خلال الدقائق الأخيرة لتداولات العام، بدأت تنتعش تداولات عنيفة على سهم سامبا نتيجة الأخبار الجديدة التي أعلنت عنه وأدت هذه الأخبار إلى إيجاد طلب قوي على السهم بشكل تحرَّك معه سعره من 125.5 إلى 140 ريالاً في دقيقتين تقريباً، وأغلق على النسبة القصوى تقريبا.. ولم يتوقف الأمر على سهم سامبا، لكن تبعه البنك العربي الذي تحرك في الدقيقة الأخيرة من 112.5 إلى 117.75 ريال، وساب الذي صعد من 106.75 إلى 109.25 ريال، والفرنسي صعد من 133.25 إلى 138 ريالاً، والرياض صعد من 63 إلى 64.5 ريال، الأمر المثير في هذه التحركات أنها حدثت في الدقيقة الأخيرة تقريباً.. وهو ما يؤكد صحة نظرية الصعود المفتعل. هذه الأسهم أدت إلى تحرُّك المؤشر خلال دقيقتين من مستوى 7838 إلى 7933 نقطة.. هذا الافتعال قد يكون المقصود منه الحفاظ على إيجابية السوق في حيز لا يسمح بفقدان الانخفاضات التي حدثت في المؤشرات المالية لأسهم السوق.. ومن جانب آخر، فربما تكون رسالة إلى السيولة خارج السوق لتحميسها للدخول في أسبوع ما بعد العيد، وربما رسالة أخرى للمهتمين بالقطاع البنكي الذي يُوشك أن يغلق دفاتر العام، لإبراز الصورة الممتازة له، وربما تكون رسالة للمساهمين في صناديق الاستثمار البنكية. إذا كانت خسائر السوق 63%، فهل خسائر المساهمين كذلك؟ من عدم الإنصاف القول بأن خسائر السوق هي ذاتها خسائر المساهمين، وذلك من أكبر الأخطاء التي يتصورها البعض، فخسائر المؤشر هي مجرد تصوير لخسائر الأسهم المدرجة في نطاقه، لكنها لا تُعبِّر في كل الأحيان عن الصورة الحقيقية لما يحدث للمستثمرين في هذه الأسهم، فخلال عام 2006 خسر السوق 63% بعد أرباح بلغت 25%، إلا أن هذه الأرباح والخسائر لا تتوزع بشكل عادل فيما بين المستثمرين في السوق، بل إنها تتوزع بناء على عناصر ومعايير متعددة من أبرزها معيار حجم المحفظة ودرجة وحجم المهارات والوعي الاستثماري بالسوق وعمليات المضاربة.. وفي سوق الأسهم ينبغي معرفة أن فئة قليلة تستحوذ على غالبية الأرباح، وهي فئة أصحاب المحافظ الكبيرة ومحترفي المضاربة (كما في كافة أسواق المال العالمية)، في حين أن هذه الفئات تكون غالباً في منأى من الخسائر الكبيرة، أي أن الفئة الكبرى من المساهمين في السوق تحصل على حصة صغيرة من أرباح السوق، وفي المقابل تتحمل الحصة الأكبر في خسائره، وهو ما حدث في عام 2006، حيث إن نسبة كبيرة من المساهمين يُلاحظ أن خسائرها فاقت خسائر المؤشر. رغم محاولة تغليب المضاربة.. الاستثمار هو الغالب في السوق رغم كل الاضطرابات التي شهدها السوق ورغم انهياره الكبير، ورغم تركيز المستثمرين فيه على قطاعات وأسهم معينة اتصفت بميلها إلى المضاربة، ورغم كل ما حققته قطاعات المضاربة من أرباح مضاربية هائلة، وبخاصة أسهم قطاعي الزراعة والخدمات، إلا أن نتائج العام الإجمالية تشير إلى أن قطاعي المضاربة (الخدمات والزراعة) هما أكثر القطاعات خسائر، وأشدها نزولاً رغم أنها كانت الأعلى صعوداً خلال فترة الطفرة، فقطاع الخدمات خسر 68% والزراعة خسرت 61%، الأمر المثير حقاً هو أن قطاعات البنوك والأسمنت والاتصالات هي القطاعات الأقل جاءت كأقل خسارة خلال سنة الانهيار، فالبنوك خسرت 43%، وخسر كل من الأسمنت والاتصالات 45% (التأمين قطاع جديد لا يدخل في ذلك)، أي أنه رغم كل ما يُثار حول تغليب المضاربة في السوق، إلا أن الاستثمار هو الغالب أخيراً. البنوك قائد مسيرة عام 2006 ينبغي معرفة أيضاً أن البنوك لعبت خلال عام 2006 الدور المركزي في توجهات المؤشر والسوق ربما أكثر من غيرها من القطاعات، فأسهمها قائدة في السوق، وصناديقها الاستثمارية مؤثر رئيس، وعمولاتها محدد هام لتوجهات المستثمرين، فقد لعبت خلال هذا العام دور السهم (أسهمها مدرجة بالسوق) والوسيط (سمسار محتكر للسوق) والمستثمر (صناديق الاستثمار) والمقرض (تسهيلات العملاء) والمسهل (خدمات لوجستية) والمعسر (مسيل محافظ المستثمرين عند الانهيار).. أي أنها لعبت الدور الأكثر تأثيراً في سوق عام 2006، لكن هل ستلعب نفس الدور الهام في عام 2007؟ هذا الأمر غير متوقع في ظل انسحاب بساط الصناديق من تحت أيديها، وأيضاً بساط السمسرة والوساطة من حقيبتها، لكنها ستظل تلعب أدواراً خلفية بتقديم خدماتها الضرورية سواء لهيئة السوق المالية في إداراتها وإشرافها على الصناديق، وأيضاً للمكاتب الاستشارية (الوسطاء الجدد) في إدارتها لخدمات الوساطة. استقرار السوق لقد مرَّ العام بكل مآسيه، وبرز السؤال الأهم كيف سيكون حاله في الغد؟ والغد يكاد يكون محيراً وغير واضح وضبابياً، فالإغلاق الإيجابي المفتعل، واستمرار النزيف الشهري للمؤشر، وعدم إيجابية مؤشرات بعض الأسهم الكبيرة في السوق (عدد محدود لكنه محسوب على المؤشر)، وتواجُّد قدر كبير من السيولة خارج السوق، وتعليق صدور عدد هام من القرارات المصيرية المرتبطة بالسوق، جميعها تشير إلى أن السوق مقبل على خطوة إتمام تصحيحه، وهي التي تتزامن مع عدد من القرارات التي تُغيّر من شكل السوق، يعقبها استقرار تام.
* محلل اقتصادي ومالي
Hassan14369@hotmail.com |
|
|
| |
|