| |
توطين زيادة رؤوس أموال الشركات مَن المستفيد ومَن المتضرر عبد الله صالح محمد الحمود(*)
|
|
تأتي المطالب الرامية إلى زيادة رؤوس أموال الشركات المساهمة، نحو أهداف عدّة، من أهمها توسيع أعمال وأنشطة هذه الشركات، فضلاً عن جعلها منشآت اقتصادية صامدة أمام ما يواجهها من تحديات محلية كانت أم إقليمية ودولية، وبلا شك إنّ توجُّهاً كهذا يُعَدُّ أمراً محموداً ومطلباً مبتغى، ولا يمنع، بل من الواجب أن يتم التفكير والإعداد لمثل هذه التوجُّهات عند نهاية كلِّ سنة مالية لهذه الشركات، شريطة ألاّ تكون هذه الزيادة لأجل الزيادة فحسب، أو تحقيقاً لأهداف أو مصالح شخصية لمؤسسي أو أعضاء مجلس إدارة أي شركة كانت، وبهذا يجمع العديد من المنظرين الأكاديميين وخبراء الأسواق، على أنّ لهذه التوجُّهات منافع عدّة، أهمها جعل هذه الكيانات الاقتصادية واعدة ومحققة لآمال وطنها، خصوصاً في المجال الاقتصادي، ذلك المجال الذي يُعَد عصب الحياة البشرية، ولقد ظهرت في الآونة الأخيرة مثل هذه التوجُّهات بكثرة في الشركات المساهمة العامة السعودية، حتى أضحت تشكِّل نمطاً أشبه ما يقال عنه بالتقليد فحسب، فضلاً عن اعتباره في بعض الأحيان توجُّهاً محققاً لمصالح فئات معيّنة ممن يملكون أسهماً كبيرة في هذه الشركات، والعلّة في ذلك أو بمعنى آخر لماذا القول إنّها محققة لآمال تلك الفئات، هي أنّ نظامية وآلية التطبيق لطرح أسهم زيادة رأس المال، تتأتى إيجاباً في بعض الأحيان لصالح مالكي الأسهم الكبيرة تلقائياً، وذلك عندما يعلن عن نية طرح زيادة رأس مال الشركة، فنلحظ أنّ سعر سهم هذه الشركة يرتفع ارتفاعاً بنسب متعدِّدة ونشهد لاحقاً قيام بعض من أولئك الملاّك من أصحاب الأسهم الكبيرة بيع كل أو جل ما يملكونه من أسهم هذه الشركة عند ذلك السعر الذي يُعَد مبالغاً فيه لصالح فئة تقتنيه مرحلياً بقصد البيع بسعر أعلى، وهو المستثمر الذي يسمَّى في النهاية بالمساهم الصغير، الذي سرعان ما يهبط سعر هذا السهم ليكون خاسراً أضعاف ما كان يتوقّع نيله من أرباح، والسبب في ذلك يكمن في أنّ اعتقاداً خاطئاً من قِبل هذا المساهم الصغير أنّ نيله لهذه الأسهم التي يعتقد أنّه حصل عليها أشبه بالاحتكار، حيث إنّ النظام القائم في زيادة رأس المال يحدد حصراً الاكتتاب في زيادة رأس المال لملاّك الأسهم في تاريخ محدّد، وهذه النظرية المطبقة أضحت الفخ الأكبر الذي يصطاد تلك الفئة التي تُعَد الخاسرة في نهاية المطاف، وذلك بسبب كثرة الطلب على سهم هذه الشركة بتحريك وتوجيه غير مقبولين من لدن بعض من أعضاء مجالس إدارات أو مؤسسي الشركات أو حتى مالكي الأسهم الأكبر عدداً، والملاحظ أحياناً أيضاً أنّ مثل هذه المصائب التي تحدث ولا يحمد عقباها، أنّها تتزامن في أحايين أخرى مع طرح أسهم منحة إضافة إلى اكتتاب إضافي عند حدوث زيادة رؤوس أموال بعض الشركات .. ودرءاً لاستمرار مثل هذه السلبيات التي يذهب ضحيتها أشخاص كثر، أقترح عند موافقة هيئة سوق المال على زيادة رأس مال شركة ما، سواء عن طريق الاكتتاب أو الاكتتاب بالإضافة إلى تقديم منحة أسهم مجانية، أن يكون الاكتتاب في زيادة رأس المال بطرح عام وليس لملاّك أسهم الشركة، فذاك أمر يحقق العدالة وعقلانية تحديد سعر السهم لهذه الشركة، وسواء صدر خبر مبكراً حول ذلك أو كان قريباً تطبيقه، أمّا موضوع منحة الأسهم المجانية، فأرى أنّها تُعَد حقاً مكتسباً لملاّك الأسهم الحاليين وحدهم دون أن يكون للمكتتبين غير مالكي الأسهم حقٌّ في ذلك .. إنّها رسالة موجَّهة لهيئة سوق المال، آملاً دراستها والتمعُّن في النظر حيالها، لإنزال العدالة للجميع، وحماية لصغار المساهمين من خطط وأفعال كبار المساهمين سواء كانوا ذوي مناصب في الشركة المعنيّة أو مضاربين محترفين.
(*) كاتب اقتصادي - ناسوخ 2697771-01
|
|
|
| |
|