| |
لما هو آتً المغنم.. د. خيرية إبراهيم السقاف
|
|
لا أحسب أنَّ الحديث عن الخسائر والمكاسب في حياة الإنسان يقف عند أمور حياتية راهنة، حين يستعرض المرء ذاكرته المخزنة أو مواقفه القريبة فيحصي: كم من الأصدقاء الذين خسرهم لمجرد موقف صدق أو تنافس في نجاح أو تنابذ بألقاب أو تفاضل بنعم أو تظاهرة بقوة أو عن حسد أو ظلم أو أو... وكم من الحقوق التي خسرها لعجزه عن مواجهة الأقوى أو تفريطه بعدم مبالاة لادعاء بزهد أو تظاهر بتنازل أو تمثل ببراءة.. وكم من الأموال خسرها للتظاهر برفه أو الخجل عن عجز أو التَّنافس لمنصب أو الوصول لغرض أو التَّمسح بجوخ أو الهدر بلا تفكير لرغائب النفس وشهوات الخاطر... وكم من الخسائر التي تلحق بالإنسان لكنه حين يتفكر فيها وليته يفعل لما وجد لها من مبرر إلا دوافع بشرية لم تنضبط كما ينبغي ولم تتهذب كما لا بُدَّ أن يكون... والخسائر الدنيويَّة قابلة للتَّعويض أو التَّفويض. لكن الحديث عن الخسائر النَّاجمة عن تفريط في جنب الله أو حقوق النَّاس أو إتقان العمل أو القصور في العبادات أو التساهل في الألفاظ أو الظلمة في النوايا أو الخلل في السلوك المرضي عنه عند الله يجمل بالإنسان أن يستعرضها بينه وبين نفسه في محاسبة دائمة عزماً على التوبة والتراجع والاستغفار والحرص على التنقية والتطهير.. لديه كل لحظات العمر ليفعل.. موهوبة له على المطلق من ثواني الزَّمن.. مقيَّدة بأيام الله التي اختارها له ليكون فيه العمل الجَّاد بتنشيط هممه في مسالك التَّوبة والتَّطهير.. وبساعاته تعالى بعد الصَّلاة وعند المطر وفي الجمع وعند السحر وعند الإفطار من الصَّوم.. كما هي في العشر الأول من ذي الحجة والأخيرة من رمضان. هذه الأيام لاستعادة مفاتيح الذاكرة والولوج لبواباتها لحصد الخسائر نشداناً لفرص الله تعالى في أيَّامه المحرمة وأبوابه المشرعة.. عندها لن يكون الحديث عن خسائر كم من المال أضعت ومن من الأصدقاء فقدت؟ بل كم من الآثام جنيت؟ ومن من جزاء فقدت؟ ليكون الله أرحم بنا، فلا آثام مع مغفرته ولا فقدان في كنف عفوه.. ولا خسائر عند الوقوف بين يدي قدرته على الثَّواب وعفوه تعالى عن العقاب.
|
|
|
| |
|