| |
لكيلا تكون السعودة نقمة !! فضل بن سعد البوعينين *
|
|
أرجو ألا يُغْضِب عنوان المقالة معالي الدكتور غازي القصيبي، وزير العمل، وهو المتابع لكل ما يكتب عن وزارته في الصحافة السعودية، كما أرجو ألا يُفْرِح العنوان أرباب العمل من ملاك المنشآت الخاصة الذين ينازعون معالي الوزير استراتيجية وزارته الرامية إلى خفض نسبة البطالة بين السعوديين، فالعبرة في النهاية لا في العنوان!. لم أكن أنوي التعرض لهذا الموضوع من جديد لولا أني تلقيت اتصالا من أحد الأخوة ملاك شركات المقاولات السعودية يلومني فيه على ما أبديته من تشكيك في مقدرة الشركات السعودية على إنجاز جميع مشروعات التنمية المطروحة في ميزانية الخير والبناء للعام 2007 في الوقت المحدد، ضمن مقالة الأربعاء الماضي، بعنوان: ((شركات عالمية متخصصة لمشروعات التنمية)). أعود إلى عنوان المقالة، قبل أن أُزعّلَ من أُحب، أو أن أُفرّح من لا أََوَد؛.... السعودة التي أعنيها هي سعودة العقود الحكومية، الإنشائية منها، والتشغيلية، التي أصبح بعضها يمثل عبئا ثقيلا على الدولة والمواطنين. أعلم أنه ليس من العدل أن استخدم أسلوب التعميم في الكتابة، فأُلحِق المحسنين بالمسيئين، خصوصا إذا ما عرفنا أن هناك بعض الشركات السعودية الرائدة التي تفوقت في أدائها على بعض الشركات العالمية، ولكن مثل هذه الشركات، وللأسف الشديد، لم نعد نراها تمارس أعمالها الميدانية في المناطق بعد أن حُمِلَت مسؤولية بعض المشروعات التي تحتاج إلى كفاءات خاصة لضمان إنجازها بالمواصفات المطلوبة وفي الوقت المحدد، كمشروعات الحرمين الشريفين على سبيل المثال لا الحصر. غالبية المواطنين يشتكون من سوء تنفيذ المشروعات الخدمية، والبطء الشديد في إنجازها، ومن الإهمال في تطبيق معايير السلامة للعمالة المنفذة، والمواطنين على حد سواء. لن أتعمق في سرد المشروعات الحكومية، وهي كثيرة، ولكني سأذكر بعض مشروعات الطرق التي باتت تهدد حياة المواطنين، وتحصد أرواحهم بطرق مأساوية تدمي قلوب الناظرين قبل عيونهم. هناك طريقا أبو حدرية، والدمام - الجبيل على سبيل المثال، اللذان أصبحا يمثلان التاريخ الدموي لمقاولات الطرق المحلية، تجاوزات في وسائل السلامة، وإهمال شديد في جودة التنفيذ، وتقصير غير مسبوق في الالتزام بالوقت المحدد، من النادر أن يمر يوم واحد دون أن تكون هناك حوادث تصادم، أو حالات وفاة، وأتمنى أن تكون هناك إحصائية رسمية لوفيات الطريقين، إنه الموت الجماعي الذي لا ينجو منه أحد من الأسر المنكوبة التي قادها حظها العاثر لاستخدام أحد الطريقين.. الغريب في الأمر، أن مستخدمي الطريقين لا يكادون يلحظون العمالة وهي تقوم بمهام عملها، ويصابون بالدهشة عندما يبحثون عن المعدات التي يفترض أن تكون متناثرة على طول الطريقين الحيويين فلا يجدون منها إلا القليل، وكأنهم يتعاملون مع تحويلة لا يتجاوز طولها ألفي متر، أو نحوها، أذكر أنني شاهدت الشركة العالمية التي نفذت طريق الجبيل - أبو حدرية، أو ما كان يطلق عليه اسم (طريق جاك) قبل أكثر من 25 عاما، كان العمل يقوم على مدار الساعة (24 ساعة في اليوم) وكانت وسائل السلامة المتبعة على أعلى مستوياتها، أما المعدات الثقيلة، فحدث ولا حرج، فقد تحول الطريق إلى اللون الأصفر بسبب كثرت المعدات، وانتشارها، والنتيجة النهائية للشركة المنفذة كانت نجاحا بامتيازا مع مرتبة الشرف. من المبكي حقا أن يدخل (طريق جاك) الاختبار من جديد بعد شيخوخته، متنافسا مع التوسعة الجديدة للطريق التي نفذتها مشكورة، إحدى شركات المقاولات المحلية، كانت النتيجة الغريبة في مضمونها، نجاح (طريق جاك) مع مرتبة الشرف وفشل التوسعة الجديدة التي لم تحتمل عوامل الضغط، والحرارة المحرقة!!. لا أريد أن أكمل، وإن كانت الشواهد كثيرة خصوصا في مشروعات، الصيانة، الإنشاء، والتشغيل، التي تُحَمّل ميزانية الدولة الكثير من الأموال في وقت تعجز فيه عن تحقيق الحد الأدنى من الكفاءة والقبول لدى المواطنين!!. لن أتحامل على شركاتنا المحلية، ففيها كما قلت من هم أكفأ من الشركات العالمية، ولكن قدرنا أن تفوز ببعض المناقصات الشركات غير الملتزمة وهي التي تسيء إلى أخواتها لا نحن، ولكن فليسمح لي المتنفذ أن أقول، وبدون تحفظ، إن ما يقرب من 70 في المائة من المشروعات الحكومية يتم تحويله بعد ترسيته إلى مقاولين آخرين (من الباطن) مع احتفاظ المقاول الرئيس بحصته من الأرباح، وهكذا دواليك حتى يصل المشروع إلى النقطة الأضعف التي لا تستطيع تنفيذ المشروع بمواصفاته الحقيقية، فتبدأ مشكلات التأخير، والمخالفات وغيرها من الأمور المعروفة للجميع. وربما كان هذا هو السبب الرئيس في عدم إنجاز المشروعات في أوقاتها المحددة وبالكفاءة المطلوبة، كما أنه يعتبر أحد الأسباب المؤدية إلى تعليق الكثير من مشروعات التنمية وحرمان المواطنين منها. وأضيف ليتكم كنتم حريصون على سعودة الوظائف كحرصكم على سعودة العقود. أكتفي اليوم بهذا حتى يتحفني صاحبي باتصاله الثاني فنكمل من حيث انتهينا، - بإذن الله تعالى -، خصوصا أن الموضوع ذو شجون، وهموم أيضا!!. ولكن قبل أن أختم، أود أن أشير هنا إلى الجملة الموسيقية الجديدة التي بدأ في عزفها تكتل المقاولون السعوديون، التي تشير بوضوح إلى مسؤولية أنظمة وزارة العمل عن التقصير الذي يرتكبونه في مشروعاتهم المنفذة، وجملتهم الموسيقية الأخرى التي تطالب بتحقيق المساواة بينهم وبين الشركات الأجنبية المزمع التصريح لها مستقبلا، قبل الحكم على قدراتهم وإمكاناتهم. أقول وبكل وضوح، إن مشكلات كفاءة التنفيذ، التجاوزات، وتأخير المشروعات لم تكن وليدة اليوم، بل كانت موجودة قبل تولي وزير العمل الحالي مسؤولية الوزارة، أما المساواة في أنظمة الاستقدام، والدعم، فلا أظن أنني في حاجة إلى التذكير ببعض الذين استغلوا قرار الإعفاء الجمركي الخاص بالمقاولين من أجل توجيه ما يستوردونه من معدات، ومواد معفاة إلى الأسواق التجارية!!!.
f.albuainain@hotmail.com |
|
|
| |
|