Al Jazirah NewsPaper Friday  15/12/2006G Issue 12496أبناء الجزيرةالجمعة 24 ذو القعدة 1427 هـ  15 ديسمبر2006 م   العدد  12496
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

عودة الأرنب الشارد

*قصة محمد عبدالعظيم من البرنامج التجريبي لإبداعات قصة حسن العبدالله:
استيقظ الأرنب صباحاً، فإذا الهدوء يشمل الغابة على غير عادة، كانت الشمس تلامس برفق أوراق الأشجار، والغصون تتمايل، والعصافير تغرد والأزهار الجميلة تتفتح في كل مكان.
أنصت الأرنب الأبيض متوقعا أن يسمع زمجرة أو عواء أو زئيرا، فلم يسمع شيئا من ذلك، سمع فقط وشوشة النسيم بين الأوراق وزقزقة العصافير، وطنين الحشرات الطائرة التي كانت أجنحتها الصغيرة تلمع تحت الشمس.
(إذن انتهت الحرب)
هكذا هتف الأرنب الأبيض فرحا.. وركض إلى ناحية من نواحي الغابة ليتفقد بيته الذي اضطر إلى مغادرته بسبب تلك المعركة الضارية التي شملت الغابة من أقصاها إلى أقصاها، واشتركت فيها السلاحف وعدد غير قليل من الطيور!!
تألم الأرنب الأبيض ألماً شديداً عندما وصل إلى بيته، فوجده كومة من التراب والطين!!
الأشجار حول البيت كانت هي الأخرى مكسرة، وذابلة الأغصان والأوراق. بين الأشجار والبيت المهدوم كانت تحوم فراشة صفراء حزينة، فرح الأرنب الأبيض بالسلام، كانت أقوى من حزنه على بيته وحديقته.
لذلك راح يعمل بدون تردد في بناء البيت من جديد.
لم يكد الأرنب الأبيض ينتهي من زرع أعمدة البيت حتى قدم الذئب.
كان الذئب يحمل قوسا كبيرا في يده، وكانت الجُعَب على جانبه محشوة بعشرات السهام. توقف الذئب قرب الأرنب وقال: (وما الذي تفعله أيها الأرنب الطيب)؟
أجاب الأرنب وهو ينظر إلى القوس في يد الذئب:
(إنني أعيد بناء بيتي كما ترى).
ابتسم الذئب وقال: لا أنصحك بإعادة بناء هذا البيت!!
قال الأرنب مدهوشاً: (أخيراً يا أبا الذئاب. لقد توقفت الحرب منذ الصباح، ولابد لي من إعادة بناء بيتي.
قال الذئب وهو يشير باصبعه إلى أعماق الغابة: (نصف هذه الغابة لا يزال مملوءا بالشر.. لذلك لا أنصحك بإعادة بناء البيت.
قال الأرنب: ماذا تقصد بقولك: لا يزال مملوءا بالشر أيها الذئب؟
أجاب الذئب بلا مبالاة: ما أقصده واضح جدا.. هناك معركة جديدة ستحدث.
صاح الأرنب مذعورا: (يا إلهي.. معركة.. كتلك التي حدثت!؟).
قال الذئب وهو يضع سهما في قوسه: المعركة القادمة ستكون أعنف وأقسى من التي سبقتها!!ودون أن يأبه الأرنب، شد الذئب قوسه إلى آخره، وأطلق سهاما على أعلى جوزة في شجرة الجوز فرماها.. ومضى متابعا طريقه.بكى الأرنب الأبيض بعد ذهاب الذئب وسقطت على غير إرادة منه خشبة كان يحملها بين يديه، ويئس ولم يعد باستطاعته متابعة بناء البيت فكر الأرنب طويلا بما يمكن أن يفعله، لم يصل إلى نتيجة.
ونظر إلى الغابة الهادئة من حوله، فوجدها كئيبة ومعتمة، فقد انطفأت الشمس التي كانت تشع من لحظات، وسكنت العصافير المغردة.. وجمدت الأغصان التي كانت تتمايل.. وذبلت الأزهار.. وتيبس العشب الأخضر.
غضب الأرنب الأبيض لهذا الحال وتمتم بيده وبين نفسه: (سأهجر هذه الغابة سأهجرها إلى الأبد. هذه الغابة اللعينة، المملوءة بالشياطين)!!ثم جمع أغراضه في صرة كبيرة ألقاها على ظهره، وبعينين مغرورقتين بالدموع ألقى نظرة أخيرة على بيته وحديقته، ومضى مغادرا المكان.
عندما أصبح الأرنب الأبيض في السهل الفسيح خارج الغابة، شاهد مجموعة من الذئاب تتمرن على رمي النبال، وفريقا من الثعالب والأرانب يسير بخطى منتظمة على وقع صفارة المدرب، وبعض القردة تجمع الحجارة الكبيرة من سفح التل وتتجه بها إلى الغابة، وعلى رأس التل وقفت إحدى الزرافات تراقب بالمنظار. اكتشف الأرنب الأبيض، من خلال ما شاهده، أن الغابة ستتدمر لا محالة، وراح يشعر بالكآبة والحزن وهو يبتعد عن المكان الذي ولد ونشأ فيه.
على ضفة أحد الأنهار جلس الأرنب الأبيض يستريح من عناء المسافة التي قطعها لكنه ما لبث إن غفا.كانت الشمس تميل نحو الغروب عندما صحا الأرنب الأبيض على يد تلامسه برفق ففتح عينيه ليرى أرنبا مثله بني اللون يتطلع إليه ويبتسم.
قال الأرنب البني بلهجة ودودة: مرحبا أيها الصديق لعلك ضللت الطريق فأنا لم أرك من قبل في هذا المكان. قال الأرنب الأبيض بصوت يخالطه البكاء: لا لم أضل طريقي يا صديقي، لكني هجرت غابتي بسبب الحرب التي هدمت بيتي وجعلتني مشردا بدون مأوى.
انحنى الأرنب البني على الأرنب الأبيض ووضع يده على يده، وقال: أرجو أن تسمح لي باستضافتك في وادينا الذي يقع على بعد خطوات من هنا.. إنه واد آمن، كثير الأعشاب، وافر المياه، جميل المناظر، ستجد فيه الراحة والطمأنينة والسعادة).وافق الأرنب الأبيض على دعوة الأرنب البني، واستقبلت أرانب الوادي ضيفها الأبيض بفرح، وقدمت له بيتا أكبر وأجمل من بيته الذي كان يعيش فيه.
لم يمض أسبوع على إقامة الأرنب الأبيض في مكانه الجديد حتى بات صديقا لجميع الأرانب، يلهو معها كأنه واحد منها، لكنه كان يصعد مساء كل يوم إلى أعلى التل ويراقب بعينين حزينتين غابته البعيدة التي هجرها، كان يرى الطيور تحلق بكثرة فوق الغابة، فيعلم بأن الحرب لا تزال دائرة هناك.بعد أيام انقطع الأرنب الأبيض عن اللهو مع رفاقه، وصار يصعد منذ الصباح إلى التل فلا يعود إلا بعد هبوط الظلام..ومرت الأيام.. وأتى ذلك اليوم الذي تحتفل فيه الأرانب في جميع الأودية والغابات بعيد الربيع.
وفي صباح ذلك اليوم ذهب الأرنب إلى بيت صديقه الأرنب الأبيض ليصحبه إلى الاحتفال فلم يجده!! وبحث في جميع أنحاء الوادي فلم يجده!كان الأرنب الأبيض قد جمع أغراضه منذ الصباح الباكر في صرة كبيرة ومضى عائدا إلى غابته التي أحس بأنه لن يستطيع متابعة الحياة، لحظة واحدة، وهو بعيد عنها.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved